عنوان: المهدي والمجتمع الانسانی موضوع: القرآن والتاريخ مسألة «انتظار الفرج» التي نريد معالجتها في هذا البحث دينية إسلامية، ذات جذور قرآنية، إضافة لما لها من طابع فلسفي واجتماعي. ينبغي على هذا أن نوضح رأي القرآن في المجتمع وأحداثه وتطوراته قبل البحث في مسألة الانتظار. ليس ثم شك في أن القرآن الكريم يذكر التاريخ على أنه مصدر للتذكّر والتفكّر ولتلقّي العبرة والدروس. لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد يدور حول طبيعة النظرة القرآنية للتاريخ، أهي نظرة فردية أم اجتماعية؟ هل ينطلق القرآن في طرح العبر والدروس من حياة الأفراد أم من حياة الجماعات؟ وإذا كان القرآن يتجه في سرده للتاريخ إلى حياة الجماعات لا الأفراد.. فهل هذا يعني أن القرآن يعتبر المجتمع شخصية مستقلة مدركة، ذات قوة وشعور، ومستقلة عن حياة الأفراد؟ وإذا كان جواب السؤال الاخير إيجابيا، فهل نستطيع أن نستنبط من القرآن الكريم السنن والقوانين التي تحكم المجتمعات؟ هذه المواضيع تحتاج إلى دراسات وافية وتتطلب تدوين رسائل مستقلة. نستطيع هنا أن نشير بشكل موجز جداً إلى أن القرآن ينطلق في قسم من دروسه وعبره - على الأقل - من حياة الأمم والجماعات. تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَ لَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَ لا تُسْئَلُونَ عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ (البقرة: ۱۴۱). القرآن يطرح مراراً مسألة حياة الامم وآجالها فيقول مثلا: وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ (الأعراف: ۳۴) القرآن الكريم يرفض بشدة النظرة العبثية الى التاريخ ويشدد على وجود قواعد ثابتة دائمة لمسيرة الامم والجماعات فيقول: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللّهِ تَبْدِيلاً وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللّهِ تَحْوِيلاً (فاطر: ۴۳). القرآن يشير إلى مسألة تربوية هامة في حقل القوانين التي تحكم التاريخ حين يؤكد أن البشرية هي التي ترسم بيدها مصيرها عن طريق ما تقوم به من أعمال صالحة أم طالحة. وهذا يعني أن النظرية القرآنية تذهب إلى أن قوانين المسيرة البشرية ماهي إلا سلسلة من ردود الفعل لما تفعله الأقوام والجماعات. من هنا نفهم أن النظرية القرآنية تؤكد على وجود قوانين ونواميس كونية ثابتة لمسيرة التاريخ، كما تؤكد في الوقت ذاته على دور الإنسان وحريته واختياره. ---------- المصدر:مفاهیم اسلامیة برؤیة حضاریة لمحمدعلی آذرشب ص۳۱