✅ معرفة مسائل اُصول الفقه ، وتحصیلها بأدقّ وجه. وأعنی بمسائلها ما لها‏‎ ‎‏دخالة ومقدّمیة فی استنباط الحکم الشرعی ‌ ‏‏🔆 وتوهّم الاستغناء عنها بأنّه لم یکن فی أعصار الأئمّة عین ولا أثر من هذه‏‎ ‎‏المسائل المدوّنة‏‎ سخیف جدّاً ؛ للفرق الواضح بین أعصارهم وأعصارنا . علی أنّ‏‎ ‎بعض ما عدّدناه من المسائل کان منقّحاً عند أهل الاستنباط فی تلک الأعصار ، کما‏‎ ‎‏هو واضح علی من سبر أبواب الفقه وفصول الروایات. ‏‏والحاصل :‏‏ أنّ معرفة مسائل اُصول الفقه ـ التی احتلّ فی هذه الأعصار‏‎ ‎‏المکانة العظمی ـ من أهمّ ما یتوقّف علیه رحی الاستنباط ؛ إذ لو لم یثبت عندنا‏‎ ‎‏حجّیة قول الثقة أو صحّة العمل بالظواهر ، ولم نعلم الوظیفةُ عند فقدان الدلیل أو‏‎ ‎‏کیفیة الجمع فلا یمکن لنا الاعتماد علی قول الثقة أو الظواهر عند الاستنباط ،‏‎ ‎‏ونصیر متحیّرین عند فقدان الدلیل أو تعارضه . ‏فلابدّ للفقیه تنقیح هذه المسائل ، وما یقع فی موقفها ؛ من البحث فی عموم‏‎ ‎‏الألفاظ أو خصوصها ، مطلقها ومقیّدها ، وما یشبهها من البحث فی مفاد الأوامر‏‎ ‎‏والنواهی ، کلّ ذلک علی نحو الاجتهاد ، علی حسب ما یسوقه الدلیل.‏‏ ولیت شعری ما الدلیل علی الاستغناء عن تنقیح هذه المباحث ؟ ! مع أنّ أکثر‏‎ ‎‏مدارک هذه المسائل موجود فی الذکر الحکیم والروایات المأثورة والمرتکزات‏‎ ‎‏الفطریة العرفیة العقلائیة ، کما أنّ بعض مسائلها ممّا یستدلّ علیه من طریق العقل ،‏‎ ‎‏کاجتماع الأمر والنهی ؛ فإنّ مرجع البحث فیه إلی أنّه هل یلزم علی القول‏‎ ‎‏بالاجتماع اجتماع الضدّین أو النقیضین الذی أجمع العقلاء ؛ حتّی الأخباری علی‏‎ ‎‏امتناعه. ‏‏ 💠 وأمّا تدوینها فی کتاب مستقلّ فلیس من البِدَع المحرّمة والمحدثات‏‎ ‎‏المذمومة ؛ إذ کلّ علم إذا کثر البحث حوله تشعّب فنونه ، وصار لائقاً لأن یدوّن فی‏‎ ‎‏کتاب مستقلّ .‏ ‏‏وما تمسّک به الأخباری فی الاستغناء عنه : من أنّ الروایات المأثورة‏‎ ‎‏مقطوعة الصدور ، ممّا لایسمن ولایغنی مـن جـوع ؛ فإنّه علی فرض صحّتـه‏ لایثبت ما رامه ، ولایوجب الغناء عن کثیر من مسائل اُصول الفقه . وبالجملة :‏‎ ‎‏فدعوی الغناء مجازفة .‏ ‏‏ . 🔸 ویمکن أن یکون هذا التطویل مصدراً لطعن الأخباریین فی تدوین مسائل‏‎ ‎‏اُصول الفقه .‏ ‏‏کما أنّه هاهنا مصدر آخر لطعنهم ؛ فإنّهم لاحظوا بعض ما ألّفه أصحابنا فی‏‎ ‎‏اُصول الفقه ، فرأوا أنّ المسائل المدوّنة فیها وطریق الاستدلال علیها یشبه أو یتّحد‏‎ ‎‏مع طریق العامّة ، فزعموا أنّ مبانی استدلالهم فی الفقه عین ما حرّروه فی کتب‏‎ ‎‏اُصولهم‏‎[3]‎‏ . مع أنّ الواقف علی طریق استدلالهم علی الأحکام الفرعیة جدّ علیم‏‎ ‎بأنّهم لم یتجاوزوا عن الکتاب والسنّة قدر أنملة .‏ ‏‏وأمّا الاستدلال علی بعض الفروع ببعض الطرق التی لایرضی بها إلاّ العامّة‏‎ ‎‏فلأجل مصالح لا یکاد یخفی علی القارئ عرفانها ؛ فإنّ تحکیم المسألة من الطرق‏‎ ‎‏التی یرضی بها الخصم من فنون البحث والجدل ، وهذا لایستلزم جواز الطعن علی‏‎ ‎‏رؤساء المذهب وعمد الدین . 📚تهذیب الأصول، الإمام الخمینی ج ۳؛ البحث عن منصب الإفتاء @albayann