علامه طباطبایی (ره):
🔷 فقوله: كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ بيان تام لسبب تنزيل القرآن نجوما متفرقة و بيان ذلك أن تعليم علم من العلوم و خاصة ما كان مرتبطا بالعمل بإلقاء المعلّم مسائله واحدة بعد واحدة الى المتعلّم حتى تتم فصوله و أبوابه إنما يفيد حصولا ما لصور مسائله عند المتعلّم و كونها مذخورة بوجه ما عنده يراجعها عند مسيس الحاجة اليها، و أما استقرارها في النفس بحيث تتمو النفس عليها و تترتب عليها آثارها المطلوبة منها فيحتاج الى مسيس الحاجة و الإشراف على العمل و حضور وقته.
🔶ففرق بيّن بين أن يلقي الطبيب المعلم مثلا مسألة طيبة الى متعلم الطب إلقاء فحسب و بين أن يلقيها اليه و عنده مريض مبتلى بما يبحث عنه من الداء و هو يعالجه فيطابق بين ما يقول و ما يفعل.
✳️ و من هنا يظهر أن إلقاء أي نظرة علمية عند مسيس الحاجة و حضور وقت العمل الى من يراد تعليمه و تربيته أثبت في النفس و أوقع في القلب و أشد استقرارا و أكمل رسوخا في الذهن و خاصة في المعارف التي تهدي اليها الفطرة فإن الفطرة إنما تستعد للقبول و تتهيأ للإذعان إذا أحست بالحاجة.
📝 الميزان في تفسير القرآن، ج15، ص: 211