قال وهب: كانوا أصنافا في أعمال فرعون، فذو و القوة ينحتون السواري من الجبال حتى قرحت أعناقهم [و أيديهم‏] و دبرت ظهورهم من قطعها و نقلها، و طائفة ينقلون الحجارة [و الطين يبنون له القصور] و طائفة منهم يضربون اللّبن و يطبخون الآجر، و طائفة نجارون و حدادون، و الضعفة منهم يضرب عليهم الخراج، جزية يؤدونها كل يوم فمن غربت عليه الشمس قبل أن يؤدي ضريبته غلت يمينه إلى عنقه شهرا، و النساء يغزلن الكتان و ينسجن، و قيل: تفسير قوله يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ: ما بعده و هو قوله تعالى: يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ، فهو مذكور على وجه البدل من قوله: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ، وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ يتركونهن أحياء. و ذلك أن فرعون رأى في منامه كأن نارا أقبلت من بيت المقدس و أحاطت بمصر و أحرقت كل قبطي فيها، و لم تتعرض لبني إسرائيل، فهاله ذلك و سأل الكهنة عن رؤياه فقالوا يولد ولد في بني إسرائيل غلام يكون على يديه هلاكك و زوال ملكك، فأمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل، و جمع القوابل قال لهن: لا يسقطن على أيديكن غلام من بني إسرائيل إلا قتل و لا جارية إلا تركت، و وكّل بالقوابل [أمناء ينظرون ما يصنع كل حامل من ذكر أو أنثى و يخبرونه‏] ، فكن يفعلن ذلك حتى قيل: إنه قتل في طلب موسى عليه السلام اثني عشر ألف صبي، و قال وهب: بلغني أنه ذبح في طلب موسى عليه السلام تسعين ألف وليد، [قال‏] : ثم أسرع الموت في مشيخة بني إسرائيل، فدخل رءوس القبط على فرعون و قالوا: إن الموت قد وقع في بني إسرائيل فتذبح صغارهم و يموت في أن يقع العمل علينا، فأمر فرعون أن يذبحوا سنة و يتركوا سنة فولد هارون في السنة التي‏وَ إِذْ نَجَّيْناكُمْ، [يعني‏]: أسلافكم و أجدادكم فاعتدها منّة عليهم، لأنهم نجوا بنجاتهم، مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ: أتباعه و أهل دينه، و فرعون هو الوليد بن مصعب بن الريان، و كان من القبط العماليق و عمّر أكثر من أربعمائة سنة، يَسُومُونَكُمْ: يكلفونكم و يذيقونكم سُوءَ الْعَذابِ: أشدّ العذاب و أسوأه، و قيل: يصرفونكم في العذاب [مرة هكذا و] مرة هكذا كالإبل السائمة في البريّة. و ذلك أن فرعون جعل بني إسرائيل خدما و خولا، و صنّفهم في الأعمال فصنف يبنون، و صنف يحرثون و يزرعون، و صنف يخدمون، و من لم يكن منهم في عمل وضع عليه الجزية. قال وهب: كانوا أصنافا في أعمال فرعون، فذو و القوة ينحتون السواري من الجبال حتى قرحت أعناقهم [و أيديهم‏] و دبرت ظهورهم من قطعها و نقلها، و طائفة ينقلون الحجارة [و الطين يبنون له القصور] ، و طائفة منهم يضربون اللّبن و يطبخون الآجر، و طائفة نجارون و حدادون، و الضعفة منهم يضرب عليهم الخراج، جزية يؤدونها كل يوم فمن غربت عليه الشمس قبل أن يؤدي ضريبته غلت يمينه إلى عنقه شهرا، و النساء يغزلن الكتان و ينسجن، و قيل: تفسير قوله يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ: ما بعده و هو قوله تعالى: يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ، فهو مذكور على وجه البدل من قوله: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ، وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ يتركونهن أحياء. و ذلك أن فرعون رأى في منامه كأن نارا أقبلت من بيت المقدس و أحاطت بمصر و أحرقت كل قبطي فيها، و لم تتعرض لبني إسرائيل، فهاله ذلك و سأل الكهنة عن رؤياه فقالوا يولد ولد في بني إسرائيل غلام يكون على يديه هلاكك و زوال ملكك، فأمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل، و جمع القوابل قال لهن: لا يسقطن على أيديكن غلام من بني إسرائيل إلا قتل و لا جارية إلا تركت، و وكّل بالقوابل [أمناء ينظرون ما يصنع كل حامل من ذكر أو أنثى و يخبرونه‏] ، فكن يفعلن ذلك حتى قيل: إنه قتل في طلب موسى عليه السلام اثني عشر ألف صبي، و قال وهب: بلغني أنه ذبح في طلب موسى عليه السلام تسعين ألف وليد، [قال‏] : ثم أسرع الموت في مشيخة بني إسرائيل، فدخل رءوس القبط على فرعون و قالوا: إن الموت قد وقع في بني إسرائيل فتذبح صغارهم و يموت في أن يقع العمل علينا، فأمر فرعون أن يذبحوا سنة و يتركوا سنة فولد هارون في السنة التي‏ لا يذبحون فيها و ولد موسى في السنة التي يذبحون فيها، وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ، قيل: البلاء: المحنة، أي: في سومهم إياكم سوء العذاب محنة عظيمة، و قيل: البلاء: النعمة، أي: في إنجائي إياكم منهم نعمة عظيمة، فالبلاء يكون بمعنى النعمة و بمعنى الشدة، فاللّه تعالى قد يختبر على النعمة بالشكر، و على الشدة بالصبر، قال اللّه تعالى: وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء: 35]. (تفسير البغوى، ج‏1، ص: 114)