النّفس النّاطقة إذا راضت القوى البدنيّة، صارت القوى البدنيّة موافقة لها منجذبة خلفها، سواء احتاجت إلى تلك الموافقة أو لم تحتج. ثمّ إذا اشتدّ الجذب، اشتدّ الانجذاب
. و متى انجذبت هذه القوى البدنيّة إلى متابعة النّفس النّاطقة لم تتفرّغ لأفعالها ، فلا جرم وقعت هذه الأحوال الطّبيعية في حقّ العارفين.
و مثاله ما ذكرناه من حال المريض بل الأمر ههنا أولى من ثلاثة أوجه:
أحدها؛ أنّه حصل فى المرض الحارّ حرارة غريبة محلّلة، و هى غير حاصلة ههنا.
و ثانيها؛ أنّ القوّة الطّبيعيّة و الحيوانيّة هناك ضعيفة بسبب مجاورة الأخلاط الفاسدة؟ و ليس الأمر ههنا كذلك.
و ثالثها؛ أنّه ربّما حصل فى المرض الحارّ الحادّ حركات كثيرة بدنيّة، و هى محلّلة، و ليس الأمر ههنا كذلك و كذلك يحصل هناك «18» أعراض نفسانيّة مفسدة للأحوال البدنيّة، و الأمر ههنا بالضّدّ.
و إذا ثبت ذلك فنقول «20»: إذا رأينا الحياة و القوّة و السحنة «21» محفوظة «22» مع وجود «23» هذه
الأسباب «1» المضعّفة، فلأن تبقى في العارف محفوظة مع عدم هذه الأسباب «2» كان أولى. هذا تقرير ما في الكتاب.
و لقائل أن يقول: تأثير الحرارة الغريزيّة و القوّة الهاضمة «3» فى النّضج و التّحليل «4» إمّا أن تكون بالاختيار، أو لا بالاختيار . و الأوّل باطل بالاضطرار، و إلّا لكان جوع الإنسان و شبعه باختياره
. و الثّانى يبطل ما ذكرتموه، لأنّه إذا كان تأثير الحرارة في تحليل الرّطوبات لذاتها، فمتى حصلت ذاتها استحال أن لا يحصل الأثر. و حينئذ لا يبقى تحت ما ذكرتموه من حديث الجذب و الانجذاب فائدة.
و يمكن أن يجاب عنه فيقال: قد ثبت في الكتب البسيطة أنّ الحرارة الغريزيّة مخالفة بالنّوع و الماهيّة للحرارة الغريبة و إذا كان كذلك فلم لا يجوز أن يقال: الحرارة الغريزيّة توجب لذاتها تحليل الرّطوبات، بشرط أن لا يعرض للنّفس حالة مستغرقة لها مستولية عليها، مثل الخوف الشّديد و الفرح الشّديد، و كما تكون ليلة البحران. و إذا كان ذلك محتملا، لم يستبعد أن يكون استغراق نفوس أولياء اللّه في محبّته تعالى مانعا للحرارة البدنيّة عن التّحليل.
#علت_اینکه_عارفین_میتوانند_مدت_زیادی_بدون_غذا_زندگی_کنند
#شرح_الاشارات_و_التنبيهات(الفخر الرازى)، النص(ج2)، ص: 635
https://eitaa.com/ghanoonfeteb