eitaa logo
التقريرات الاصولية للسيد محمود المددي
7 دنبال‌کننده
0 عکس
0 ویدیو
0 فایل
مشاهده در ایتا
دانلود
📅 الثلاثاء ٢٩ ربيع الثاني الامر الرابع: في التوثيقات الرجالية (٢) و من ثم أجاب السيد الخوئي في المعجم[^9] ما كان لفظه: "و لا ريب في أن احتمال الحس في أخبارهم- و لو من جهة نقل كابر عن كابر و ثقة عن ثقة- موجود وجدانا. كيف؟ و قد كان تأليف كتب الفهارس و التراجم لتمييز الصحيح من السقيم أمرا متعارفا عندهم، و قد وصلتنا جملة من ذلك و لم تصلنا جملة أخرى. و قد بلغ عدد الكتب الرجالية من زمان الحسن بن محبوب إلى زمان الشيخ نيفا و مائة كتاب على ما يظهر من النجاشي و الشيخ و غيرهما. و قد جمع ذلك البحاثة الشهير المعاصر الشيخ آقا بزرگ الطهراني في كتابه مصفى المقال. قال الشيخ في كتاب العدة «إنا وجدنا الطائفة ميزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار فوثقت الثقات منهم، و ضعفت الضعفاء…و صنفوا في ذلك الكتب … هذه عادتهم على قديم و حديث لا تنخرم». و النجاشي قد يسند ما يذكره إلى أصحاب الرجال و يقول: «ذكره أصحاب الرجال». و هذه العبارات- كما ترى- صريحة الدلالة على أن التوثيقات أو التضعيفات، و المدح أو القدح كانت من الأمور الشائعة المتعارفة بين العلماء، و كانوا ينصون عليها في كتبهم. و بهذا يظهر أن مناقشة الشيخ فخر الدين الطريحي في مشتركاته- بأن توثيقات النجاشي أو الشيخ يحتمل أنها مبنية على الحدس، فلا يعتمد عليها- في غير محلها." ثم قال أنه لو بقي - مع كل ذلك - احتمال الحدس لينتفي باصالة الحس. و فيه: وإن كانت القرائن الحاكية عن استنادهم الی الحس في محلها و سنضف اليها قرائن اخرى بعد قليل لكن غاية ما يستفاد منها احتمال الحسية في إخبارهم و الاحتمال لا يسمن و لا يغني عن شيء. أما التمسك باصالة الحس فقد ناقشناه سابقا قائلين بأنها غير ثابتة في السيرة و مع التسليم لا تشمل المقام لأجل عدم جريانها في ما كان الفاصل الزمني بين المخبر و المخبر عنه بعيدا و هذا هو حال علماء الرجال مع الرواة[^10] و لوضوح أن الناس مشوا على تلك الاصالة و انظارها لتسهيل امور معيشتهم اليومية لا في المسائل النظرية في الفقه و القانون. و هناك قرائن اخرى لتأييد ما افاد السيد الخوئي من دون قبول ما ذهب اليه في النتيجة. فلو نظرنا الى النجاشي رحمه الله نرى أنه لم يوثق حسن بن محبوب الذي كان من كبائر اصحاب الرضا عليه السلام أو ابراهيم بن هاشم الذي كان كثير الرواية جليل القدر لا يوجد مثله في الرواة من حيث تعداد المرويات و مع ذلك لا يوجد توثيق من النجاشي و لا من غيره. فيكشف لنا أنه لو اعتمد النجاشي في التوثيق على الحدس فمن الأحرى و المتوقع جدا أنه يوثق حسن إبن محبوب و ابراهيم لوضوح أن الشهرة بالجلالة و كثرة الرواية تؤدي عادة الى الحدس في وثاقة الشخص فعدم التوثيق يكشف عن اعتماده على النقل و الحس. ثم هذه القرائن و ما شابه ذلك صرف مؤيدات لتقوية احتمال الحسية في إخبارهم لا اكثر. المختار: نقول أنه لا يتصور أن امثال النجاشي و الشيخ رحمها الله يخبرنا بالوثاقة اعتمادا على الوهميات وما لا يعتني به العقلاء فضلا عن هولاء العلماء المتشرعين المجتهدين في فنونهم. فإن اعتمدوا على الحس لاندفع الاشكال بلا اشكال وإن اعتمدوا على الحدس لكان حجة في المقام. توضيح ذلك: كان مقتضى ما سبق - من أن قول اهل الخبرة و الحدس ليس حجة في الحسيات - عدم اعتبار التوثيقات الحدسية، لكن نجد في الارتكاز ان العقلاء - خصوصا في ما يتعلق بالتنجير و التعذير - يعتمدون على قول اهل الحدس في الحسيات من باب الانسداد. و المقام من تطبيقات هذه الكبرى لانه لا يمكن لنا ان نحرز الوثاقة عن حس لعدم معاصرتنا الرواة و عدم امكان الاستناد الى ما يتنهي الى الحس من الكتب الرجالية القديمة و لا يمكن لنا احراز الوثاقة عن حدس بداهة أن حدس النجاشي لا يقاس مع حدسنا لاجل قربه من زمن الصدور و اطلاعه على كثير من ما له الدخل في الحدس مع عدم وصوله الينا. ففي مثل هذه الحالة - اي انسداد باب الحس و الحدس معا - نجد ان العقلاء يستند الى قول اهل الحدس في الحسيات فيرتفع الاشكال في اعتبار التوثيقات الرجالية. المصادر و الملاحظات [^9]:المعجم ١:٤١ [^10]: اقول: الظاهر ان التعليل خروج عن محل الكلام لان المدعى ان النجاشي يخبر عن وثاقة شخص بواسطة النقل والكتب الموجودة لديه فلا يوجد اي فاصل زماني بينه و بين الكتاب الذي استند اليه. بعبارة اخرى كان الشك في اعتماد النجاشي على نقل كابر عن كابر أو على حدسه فلا يرد الاشكال.
📆 الاربعاء ١ جمادي الاولى 🔹 النقل بالمعنى لا بأس في حجية الخبر المنقول بالمعنى باعتبار أنه المتعارف و المتدوال في السيرة و إنما غير المتعارف النقل باللفظ حيث أن الكلام - مكتوبا كان أو مسموعا - لا يمكن حفظه و نقله لفظا بعد لفظ لنوع المستمعين لاجل طوله. نعم قد يقال بان غالب المرويات عن المعصومين عليهم السلام لا يجاوز كلمة أو كلمتين ك(نعم) او (يجوز) او (لا باس) و ما شاكل ذلك لانها في مقام الجواب عن السؤال و لا يتصور النقل بالمعني في تلك الموارد. لكن خفي للقائل أن نفس السؤال يتعدى عادة عن سطر أو سطرين و واضح أن للسؤال دور مهم في كيفية الجواب. من اجل المثال نرى أن الفقيه قد يسال عن الموضوع الذي شرحه و فسره السائل بتفسير فأجاب بجواب و اذا سئل عن نفس المسالة من دون الاطالة في التوضيح و التفصيل قد يجيب بجواب اخر. نعم لا ننكر ان بعض المنقولات تصل الينا تضمنا على الفاظه لكن هذا قليل الوقوع و يلزم في اثبات كونه كذلك ان تشهد عليه القرائن كبلاغة الكلام و فصاحته و ما شاكل ذلك من الامور التى دلت على انه منقول باللفظ. و كيف ما كان، نقبل حجية خبر الثقة في المنقولات بالمعنى مكتوبة كانت او مسموعة بشرط ان يحرز أهلية الناقل لتلقي المعاني اولا و اهليته لادائها ثانيا لانه قد يوجد اشخاص يفهم الكلام تاما و صحيحا لكن لا يقدر عليهم انتقاله الى الاخر و اداء المعاني بشكل حسن و كما يستحق. فتحصل من ما ذكر اشتراط الاهلية للتلقي و الاداء في حجية الخبر. و من هنا يظهر عدم صحة النظر الى كلمات الروايات ككلمات الكتاب العزيز من حيث التحليل الادبي الدقيق و ترتب الاثر عليها في الفقه او غيره لوضوح أنها كلمات الراوي و تعبيراته. فلا وجه لتقييد انفسنا و فهمنا بكل حرفه و كلمته. و من ما يقوي في النفس كون الكلام منقولا بالمعنى طوله و تعدد الوسائط في النقل. أما الاول فواضح لصعوبة نقل الكلام الطويل باللفظ و السر في الثاني أنه كلما تعددت الوسائط يزداد الاحتمال في تغير التعبير في كل طبقة. فإن قلت ان اصحاب الائمة يعتمدون على الاصول المكتوبة المتدوالة بينهم لنقل الاخبار فلا يضر تعدد الوسائط قلت: ليس امر كتابة الحديث بين الاصحاب و تدوال الاصول واضحا كما ادعي.لا تتصور ان لكل من الاصول الاربعة مئة مولف من الاصحاب بخصوصه بحيث ان لمحمد بن مسلم اصل مثلا و لفضل بن شابان اصل و هكذا. بل كانت الاصول تاليفات لمئة منهم أو مئتين.مضافا الى أن عدد الرواة يبلغ من الالف فأين اصولهم المعتمدة عليها لنقل الاخبار؟ فلا بد من الاذعان بان كثيرا من الاخبار مروية من غير الرجوع الى الاصول بل من الطريق الشفهي.
📆 السبت 4 جمادي الاولى 🔹الرابع عشر: خبر الثقة في غير التكليف المقدمة إن للحجة معان ثلاثة الاول منها المعنى العرفي و هو عبارة عن ما يصح الاحتجاج به عرفا و الثاني منها الاصولي الاصطلاحي يعني أن المنجز و المعذر و الثالث منها المنطقي يعني القياس المتضمن للمقدمتين الصغرى و الكبرى. و كما اوضحنا سابقا و كرارا أن التكليف الفعلي (الوجوب و الحرمة) يكون منجزا بقيام المنجز و معذرا بقيام المعذر على مبنى المشهور (قبح العقاب بلا بيان) خلافا لمختارنا حيث اكتفينا بوجود احتمال التكليف في التنجيز و عدمه في التعذير. ثم النسبة بين معنى العرفي و الاصولي للحجة الاعم و الخصوص من وجه فمادة الاجتماع خبر الثقة عن ما يتربط بالتكليف و ما يختص بالمعنى العرفي الحجة في غير باب التكاليف كالاعتقادات و ما يختص بالمعني الاصولي ما يثبت بالاستصحاب مثلا. و بعد المقدمة يقع البحث في جهات: الجهة الاولى في التكاليف هنا عنوانان مختلفان: التكليف و الحكم. التكليف هو الوجوب و الحرمة و ينقسم الى الكلي و الجزئي. و يختلف عن الحكم التكليفي المنقسم الى الواقعي و الظاهري. ثم المشهور قسموا الحكم الواقعي الى خمسة من الوجوب و الحرمة و الاستحباب و الكراهة و الاباحة خلافا لتقسيمنا الى الاربعة من دون لحاظ الاباحة. و الظاهري من الحكم لا يكون الا وجوب الاحتياط و الترخيص في المخالفة. أما التكليف الكلي هو ما يمسى بالجعل كحرمة الكذب على المكلف و الجزئي هو ما يمسى بالمجعول كحرمة هذا الكذب علي. و لا يخفى أن الكلي بما هو كلي لا يتصف بالتنجز و التعذر لأنهما صفتان يتعلقان الى الحكم الفعلي و الكلي لا يصير فعليا بل الفعلية من خصوصيات الحكم الجزئي الذي يصير فعليا بعد تحقق موضوعه في الخارج ثم يصير منجزا على فرض وصوله الى المكلف الخاص. إلا ان الاعلام اختلفوا في مرتبة الوصول المعتبرة عقلا لتحقق التنجز و التعذر حيث ذهب المشهور الى قاعدة قبح العقاب بلا بيان (البرائة العقلية) و خالفهم الشهيد الصدر و أتباعه في مسلكه حق الطاعة (الاحتياط العقلي). و مفاد الاول أن التكاليف الجزئية الفعلية تكون معذرة مادامت غير مقطوعة عند المكلف و لم يرد منجز تعبدي من جانب المولى و مفاد الثاني أنها تكون منجزة مادامت محتملة عند المكلف و لم يرد ترخيص تعبدي من المولى في موردها. والتنجيز التعبدي عبارة عن جعل الحجية للطرق غير القطعية كخبر الثقة و الشهرة و ما شاكل ذلك التي يثبت بها التكليف به. و الترخيص التعبدي عبارة عن جعل الحجية للطرق غير القطعية الذي يرفع التكليف عنه. تطبيقه في المقام: لو أخبر ثقة عن نجاسة هذا الماء و حرمة شربه فعلى مسلك المشهور يكون المنجز الوحيد في المقام خبر الثقة تنجزا تعبديا لان العقل لا يستقل بمنجزية حرمة الشرب ما لم تكن قطعيا. أما على مسلك حق الطاعة فاحتمال التكليف يكفي للمنجزية و كان الخبر منجزا اخر. و لو أخبر ثقة عن حكم ترخيصي قائلا بان هذا الماء طاهر و شربه جائز فعلى مسلك المشهور يحتمل أن يكون المعذر عدم القطع بالتكليف أو هذا الخبر الرافعة عن التكليف. و على مسلك الشهيد يكون هذا الخبر المعذر الوحيد و المرخص التعبدي. فائدة: لو اخبر زرارة رحمه الله عن حرمة شرب الخمر على نحو الحكم الكلي (يحرم شرب الخمر على المسلم) لا يستفاد بالمنجزية بالمدلول المطابقي ضرروة أن الكلي بما هو كذلك لا يوصف بالتنجز كما سبق توضحيه. نعم يستفاد المنجزية من مدلوله الالتزامي الدال على أن هذا الخمر أمامي يحرم شربه .[^12] المصادر و الملاحظات [^12]: اقول: يظهر من هذا البيان ان الحكم الجزئي (حرمة شرب هذا الخمر علي) من لوازم الحكم الكلي (حرمة شرب الخمر على المكلف). و هل هذا غير انحلال الحكم الكلي الى أحكام جزئية بتعداد موضوعاته في الخارج؟ الظاهر لا. لان الانحلال من اللوازم العقلية للحكم. و عليه لا يبعد اتصاف الكلي بالتنجيز و التعذير ببركة إنطباقه و فعليته ضمن الافراد.
📆 الاحد 5 جمادي الاولى الجهة الثانية في العقائد الامر الاول: كان العلم في لسان اهل المنطق إما تصور أو تصديق. و التصديق عبارة عن الاذعان بالنسبة و يكون ظنيا أو اطمئنانيا أو قطعيا. و لا بأس بأن "الاعتقاد" في معناه العرفي يصدق على التصديق الاطمئناني و القطعي لكن في صدقه عرفا على المراتب الضعيفة من الظن بُعد. و فرّق الاعلام بين الاعتقاد و الايمان بان الثاني عبارة عن العلم (التصديق بشيء) مع عقد القلب و الانقياد النفسي لكن وجه الفرق غير ظاهر لنا بعد التأمل لأننا لا نجد في افق الذهن الا التصور و التصديق و ما يسمونه بعقد القلب و التسليم و ما شابه ذلك لا يودي الى اختلاف ذاتي بين الإعتقاد و الايمان. غاية الامر ان الايمان عبارة عن الاعتقاد الذي يتبعه عقد القلب و التسليم لمفاده. لكن القول بان الايمان قسيم الاعتقاد غير تام. بعبارة اخرى: تركيب الايمان من الاعتقاد و التسليم لو كان تضمنيا فيكون الايمان من حصص الاعتقاد لا قسيما له صح كلاهم و لو كان اتحاديا بحيث يكون مغايرا له حقيقة بطل قولهم لعدم ثبوت اي حقيقية مستقلة اخرى في افق الذهن سوى التصور و التصديق.[^12] الامر الثاني: الاعتقاد ليس من الافعال و ما يتعلق بالجوارح بل هو كيف نفساني يتعلق بالجوانح. نعم تحصيل الاعتقاد من طريق البحث و التحقيق و القرائة و ما شاكل ذلك من جنس الافعال. و ربما لا يقدر على بعض الاشخاص تحصيل الاعتقاد (كالتوحيد) بدراسة و تحقيق علمي و عقلي لعادتهم على قبول و تصديق المعلومات عبر التجربة الحسية. [^13] الامر الثالث: قول العلماء في وجوب تحصيل الاعتقادات القسم الاول ما يجب تحصيلها على كل انسان بناء على العقلي العملي و هما التوحيد و الرسالة. و حكم القعل العملي عليه انما يكون من جهة دفع الضرر المحتمل. القسم الثاني ما يجب تحصيلها على كل مسلم أو على غيره بناء على تكليفهم بالفروع وجوبا شرعيا و هما الامامة و المعاد الجسماني على رأي السيد الخوئي لكن قول المشهور الاكتفاء بالاول. و ليس واضحا هل يعتبر الاطمئنان و القطع عندهم أو يكفي الظن. و القسم الثالث ما لا يجب تحصيلها شرعا و لا عقلا مثل وجود البرزخ و الرجعة وامثالهما من الاعتقادات الثانوية. المصادر والملاحظات [^12]: فائدة: افادها الاستاذ بعد الدرس جوابا عن السوال عن معنى القوة و الضعف في الاعتقاد و الايمان فقال حفظه الله أن قوة الاعتقاد تارة تزن من حيث كونها قطعا او اطمئنانا او ظنا و تاره تزن على سرعة زواله من النفس فان أزالت حوادث الايام اعتقاده بالله سبحانه يكون ضعيف الاعتقاد و إن استقام مقابل الحوادث و البليات و لم يزل اعتقاده به فيكون قوي الاعتقاد. اقول: هذا و ان كان نِعم التفسير و التوضيح لكن بقيت جهة من الجهات ألا و هي القوة في حالة نفسانية معبرة عنه في لسانهم بالتسليم و الانقياد و يتصور فيه مراتب من الضعف و القوة كما يتصور في غيره من حالات النفس كالحب و البغض. و لعل توضيح الاستاذ معتلق بالاعتقاد و ما قصرنا فيه من التوضيح مرتبط بالايمان. [^13]:اقول: هذا مع فرص انحصار تحصيل الاعتقاد بالتوحيد في البراهين العقلية الدقيقة.
📆 الاثنین ۶ جمادي الاولى حكم القسم الثالث: لو اخبر ثقة عن وقوع الرجعة ليس اخباره حجة لان ما يخبر عنه لا يكون من الحسيات أو الحدسيات بل من الغيبيات و إنما خبره حجة في الاول و قول اهل الخبرة حجة في الثاني و قول المعصوم في الثالث. ثم السيد الخوئي حكم بجواز عقد القلب و الالتزام القلبي على مفاد الخبر و إن لم يكن حجة. و ننكره لاننا لا نجد معنى محصلا للالتزام القلبي كما سبق توضيحه[^14] و لو تنزلنا، الوجه في تقييد الجواز بكون الخبر صادرا عن ثقة غير ظاهر، فلِم لا يجوز عقد القلب من خبر غير الثقة؟ إلا أن عدم حجية خبره اصوليا (التنجز و التعذر) لا ينافي اعتباره عرفا في الاحتجاج على ثبوت الرجعة. حكم القسم الثاني: لو اخبر ثقة عن المعاد الجسماني مع انه من الامور الذي يمكن الاستدلال و البرهان عليه نفيا و اثباتا و كذلك الامامة فإن حصل للشخص الاطمئنان بالمعاد الجسماني و الامامة بمجرد تلقّيه من الثقة فقد سقط وجوب التحصيل عنه لكن لو اعتبر في الوجوب تحصيله بالدليل لا كيف ما اتّفق فلا يكفي اعتقاده بهما المسبب عن الخبر.و في مقابل ذلك قال بعض بان خبره يقوم مقام الدليل القطعي لما بنوا في الاصول من قيام الامارات مقام القطع فإعتقاده بهما من طريق الخبر كالاعتقاد عن الدليل. و اشكل عليهم السيد الخوئي[^15] بان الامارات تقوم مقام القطع الطريقي و الطريقي الموضوعي لا القطع الصفتي الموضوعي و المقام من موارده لإن ما يراد القطع بما هو قطع و كاشف تام. و الصحيح عندنا عدم اعتبار التحصيل عن الدليل رأسا لأن ادلة الوجوب لا تقييد فيها بكون التحصيل كذلك بل مجرد الاعتقاد كاف و لو حصل بغيره. و ما افاد السيد الخوئي - مع التسليم بالمبنى - في غير محله لأن ما يصح قيام الامارة مقامه هو القطع الماخوذ في الموضوع لا ما كان القطع متعلق الحكم و المقام من قبيل ذلك لان الواجب تحصيل "الاعتقاد" بذاته. فلو قال المولى لا تشرب الخمر مقطوعَ الخمرية صح تعويض القطع بالامارة على هذا المبنى لكن لو قال "وجب عليك الاعتقاد بالامامة" لا يصح التعويض بداهة أن في الاولى كان القطع دخيلا في الموضوع و في الثاني كان متعلق الوجوب. و من هنا قد يقال بان متعلق الوجوب الاعتقاد الاجمالي لا التفصيلي فلو اعتقد الشخص بالمعاد من دون تعيين كيفيته من كونها جسمانيا أو مثاليا أو روحانيا كفى لتحصيل الواجب. و يلاحظ عليه بأن المطلوب الاعتقاد التفصيلي بداهة أن المعتقد بالأمامة من دون تعيين الامام مثلا لا يجدي مضافا الى أنه قد لا يمكن الاعتقاد الاجمالي فيما لو استقين الشخص باستحالة المعاد الجسماني فكيف يمكن ان يعتقد في نفس الوقت بالمعاد الاجمالي و هو يلزم امكان المعاد الجسماني و الامكان و الاستحالة لا يجتمعان لا محالة. المصادر و الملاحظات [^14]: اقول: ظاهر كلمات الاستاذ حفظه الله في ما سبق قبول عقد القلب و الايمان كحصة من حصص الاعتقاد فلا مجال للاستغراب عن كلام السيد الخوئي قده خصوصا إذا كان الاعتقاد بمفاد الخبر ظنيا. فراجع. [^15]: مصباح الاصول ٢:٢٧٤
📆 الثلاثاء ٧ جمادي الاولى حكم القسم الاول: لو أخبر عالم عن التوحيد أو الرسالة فهنا صور: تارة يحصل الاعتقاد من إخباره و اخرى لا يحصل. ثم لو حصل الاعتقاد فتارة نقول بكفاية مجرد الاعتقاد كيف ما اتفق و اخرى نقول باعتبار الاعتقاد عن الدليل. ففي الصورة الثانية و الرابعة يجب عليه أن يصرف الوقت و السعة في تحصيل الاعتقاد بالدراسة و التحقيق حتى يصل الى المطلوب. لكن لو فرضنا انه لم يصل بعد جميع هذه المحن كان تكليفه بالتحصيل تكليفا بما لا يطاق فلا يستحق العقوبة والإدانة بناء على المشهور خلافا لصاحب الكفاية في حاشيته على الرسائل[^16] قائلا بان العقوبة الاخروية منوطة بالقرب و البعد من الله سبحانه و مرجع ذلك الى طيب الذات و خبثه و هما من الامور الذاتية و لا يعقل السوال عن ما هو ذاتي لموجود فلو سئل "لماذا جعل الله الانسان انسانا" كان لغوا فإن كان عاقبة هذا الشخص الذي لا يقدر عليه الاعتقاد النار و العذاب لا قبح فيه إن يقتضيه خبث ذاته. و هذا البيان منسجم على مبناه المعروف المنسوب اليه من كون الانسان فاعلا مضطرا لا مختارا كما يشهد عليه ظاهر كلاماته في الكفاية تبعا لقول اكثر الفلاسفة و لاجل ذلك قال الشيخ الرئيس في بعض تعليقاته و ما تكرر في كلمات صدر المتالهين بان الانسان فاعل مضطر في صورة الاختيار. فبناء على ذلك لا يعقل الكلام عن قبح و حسن الفعل لو كان الفاعل مضطرا كما لا يعقل عقوبته على فعله المضطر فلا بد من توجه العقاب الى غير الفعل و هو ذات الفاعل. فتلخص من جميع ذلك صحة كلام الاخوند بناء على مسلك الفلاسفة. الجهة الثالثة في غيرهما كثرت الاخبار في تراثنا حول التاريخ و التفسير و غيرهما من ما يسمي نوعا بالمعارف في ألسنتهم فوقع البحث عن حجيتها. قال السيد الخوئي قده بأن المدار في البحث تفسير الحجية فإن جرينا على تفسيرنا من أنها جعل العلمية و الطريقية فيجوز الإخبار بمفاد الخبر مباشرة دون حاجة الى نقل السند و الطريق و الوجه في ذلك أن المحرّم القول بلا علم و الحال أن الشارع جعل خبر الثقة علما. و من اجل المثال يجوز الإخبار عن كون التفاح علاجا للأمراض القلبية - مثلا - تبعا لما ورد في خبرٍ ما عن ثقة و لو كان ظن الشخص بخلاف المؤدى (اي كون التفاح علاجا لها). وإن جرينا على تفسير الاخوند من ان الحجية عبارة عن المنجزية و المعذرية فلا يجدي خبر الثقة علماً فيحرم الاخبار عن مفاد الخبر لانه قول بلا علم لا محالة. [^17] لكن كلام المحقق الخوئي محل إشكال من جهتين الاولى عدم أهمية لسان دليل الحجية و التعبير فيه لأن معنى الحجية في دائرة العقلاء و الشرع ليس إلا ايجاب الاحتياط من جانب و الترخيص في المخالفة من جانب اخر لعدم معقولية اي معنى سواه بعد ملاحظة النسبة بين المولى و العبد. فتفسيره الحجية بالعلمية - و لو تنزلنا الى أن ادلتها اللفظية تفي بهذا المعنى- لا عبرة به. و الثانية: إنما المراد من حرمة القول بلا علم هو القول بلا حجة عرفا اي ما لا يصح الاحتجاج به عرفاً و خبر الثقة حجة عرفا فلا حاجة الى قيام الخبر مقام العلم في موضوع الحرمة لكفاية نفس الخبر.[^18] انتهى الكلام في خبر الثقة و يقع البحث في حجية الظن و ما هو المعروف بمبحث الانسداد. المصادر و الملاحظات [^16]: الصفحة ٣٣١ [^17]: مصباح الاصول ٢:٢٧٧ [^18]: فرّق الاستاذ بين معنى الحجة عندما يجعل الشارع خبر الثقة حجة حيث حملها على المعنى الاصولي و بين معناها في "القول بلا حجة محرم" حيث حملها على المعنى العرفي و بعد السوال عن الوجه في ذلك اجاب بعدم امكان حملهما على غيرهما و أحال النكتة فيه الى محل اخر. اقول: لا يخفى حمل العناوين الماخوذة في الدليل على المتعارف كان من مقتضى القاعدة لكن لا يبعد - إن لم يكن اقوى - حمل الحجة في لسان الشارع على ما هو حجة عنده اي الحجة الشرعية.
📅 الاربعاء ٨ جمادي الاولى 🔹 الفصل السادس في حجية مطلق الظن ذهب جماعة من العلماء الى حجية مطلق الظن و العمدة في الاستدلال دليل الانسداد و الوجه في التسمية وجود مقدمة في الاستدلال المدعاة بان باب العلم و العلمي منسد في زمن الغيبة. و الاستدلال كما صاغه صاحب الكفاية مشتملة على خمسة مقدمات: الاولى: أن الايمان بالله سبحانه و رسالة نبيه (ص) يوجب العلم الاجمالي بوجود التكاليف السماوية على عهدتنا. الثانية: إن باب العلم و العلمي منسد في معظم التكاليف و هذا يعني عدم امكان معرفتها بعلم أو من طريق حجة شرعية (العلمي). الثالثة: لا يجوز إهمال جميع التكاليف بعد ثبوت العلم الاجمالي الرابعة: لا يحتمل وجوب الاحتياط في جميع الاطراف بل لا يتحمل جوازه. و كذا لا يحتمل اجراء الاصول العقلية فيها للعلم بعدم رضا الشارع في ذلك و لا يمكن الرجوع الى المفتي لوضوح إناطة حجية فتواه بحالة الانفتاح. الخامسة: ترجيح المرجوح قبيح النتيجة: فبما أن إهمال التكاليف و الاحتياط في الاطراف و اجراء الاصول المومنة و الرجوع الى الفقيه ممتنعة ينحصر التخلص من منجزية العلم الاجمالي في ترجيح الاطراف المظنونة على غيرها و العمل طبق مفادها الظنية و هذا معنى حجية الظن. ثم هل جميع تلك المقدمات تامة او لا؟ فنقول بالنسبة الى المقدمة الاولى بأنها صحيحة في نفسها لكن كان العلم الاجمالي المدعى منحلا الى علم اجمالي صغير في دائرة ما قامت الامارات عليها و بيان ذلك يرجع الى نكتتين: الاولى: لا شك بأن عددا من الاطراف التي قامت عليها الامارات الظنية مطابق للواقع الثاني: هذا العدد الذي كان مطابقا للواقع ضمن الامارات لا يحتمل أن يقلّ عن العدد المعلوم بالاجمال بالعلم الكبير و بعد فرض تساوي بين هذين العددين ينحل العلم الاجمالي الكبير الى العلم الاجمالي الصغير و يمكن الاحتياط في جميع اطراف هذا العلم بلا اقتضاء للحرج المنفي عقلا أو شرعا.
📅 السبت ١١ جمادي الاولى ثم هل تلك المقدمات تامة او لا؟ فنقول بالنسبة الى المقدمة الاولى بأنها صحيحة في نفسها لكن كان العلم الاجمالي المدعى منحلا الى علم اجمالي صغير في دائرة ما قامت الامارات عليها و النكتة في ذلك مبني على: اولا: نعلم بأن بعض الاطراف التي قامت عليها الامارات الظنية مطابق للواقع و هذا هو العلم الثاني ثانيا: أما الاطراف المشكوكة و الموهومة نحتمل ثبوت التكاليف ضمن دائرتها لكن لا نعلم ذلك لعدم المقتضي له بعد أن نطرح الاطراف المشتركة[^19] بينها و بين المظنونات. فغاية الامر احتمال التكليف ضمن المشكوكات و الموهومات لا علما اجماليا بالتكليف. بالنتيجة انما هنا علمان و لا غير فينحل الاول الكبير الى الثاني الصغير و يمكن الاحتياط في جميع اطراف هذا العلم بلا اقتضاء للحرج المنهي عنه عقلا أو شرعا. فان قلت: يحتمل أن يكون العدد المعلوم بالاجمال بالعلم الكبير اكثر من المعلوم بالاجمال بالعلم الصغير و مع عدم احراز التساوي بينهما لا يصح الانحلال. قلت: إنما المهم ثبوت التكاليف بالعلم و مع عدمه في اطراف الضعاف يوجد بالحقيقة علم واحد و هو ثبوت التكاليف ضمن دائرة الثقات و لو احتمل كون المعلوم بالاجمال في الاول اكبر منه في الثاني.[^20] أما المقدمة الثانية: فكون باب العلم منسدا في معظم التكاليف واضح لا باس به. أما بالنسبة الى العلمي - اي ما ثبت حجيته الشرعية بالقطع - فالعمدة فيه حجية الظهور و خبر الثقة لاثبات معظم التكاليف بهما. و فيه: انكار عدم حجيتهما لا سيما حجية الظهور لانها من القطعيات البديهة و حجية خبر الثقة ان لم تكن بديهية كانت قطعية بتعدد القرائن و الطرق المثبتة لها. المصادر و الملاحظات [^19]: الاشتراك في المؤدى. فلو اخبر ضعيف عن وجوب الدعاء عند رؤية الهلال و اخبر بذلك ثقة ايضا كان مفادهما مشتركا [^20]: اقول: لا يخفى لو كان عدد المعلوم بالاجمال بالعلم الاول معلوما و احتِملَ أن المعلوم بالاجمال بالثاني اقل منه لكان الاشكال في محله لبقاء تنجيز العلم الاول في دائرة كبرى لكن مع عدم العلم بالعدد في الاول لا يرد الاشكال و الانحلال صحيح.
📅 الاحد ١٢ جمادي الاولى أما المقدمة الثالثة [^21] و هي عدم جواز الرجوع الى البرائة العقلية و الشرعية في جميع الاطراف المودي الى الاهمال فهي صحيحة على جميع المسالك. أما على مسلك قبح العقاب بلا بيان لا تجري البرائة العقلية إما لان الظن حجة و بيان في ظرف الانسداد كما هو عليه صاحب الكفاية[^22] و إما لكون العلم الاجمالي بيانا كالعلم التفصيلي و رافعا لمورد القاعدة كما هو عليه السيد الخوئي. و على مسلك حق الطاعة فعدم جواز الاحتياط أوضح لمنجزية الاحتمال. ثم البرائة الشرعية لو كانت مستفادة من آية قرآنية كآية العذاب (ما كنا معذبين) فمبنية على حجية الظهور و لو كانت مستفادة من الخبر فمبني على حجية خبر الثقة و كلاهما غير مقبول عند صاحب الاستدلال بعد فرض انسداد باب العلمي و مع الغض عن هذا كله لا يلتزم احد بجريان البرائة الشرعية في اطراف العلم الاجمالي إما لمحذور ثبوتي أو اثباتي. أما المقدمة الرابعة و هي عدم جواز الاحتياط في جميع الاطراف لاجل الحرج[^23] فتسمك الشيخ رحمه الله فيها بقاعدة نفي العسر و الحرج الثابتة في الشريعة قطعا لكن اشكل عليه الاخوند بانها رافعة للتكاليف الشرعية و ما ثبت تكليفه عقلا و بالعلم الاجمالي كما هو حال المقام لا تجري القاعدة. و فیه: أن الترخيص القطعي من الشارع في تكليفه يرتفع التكليف عقلا. توضيح ذلك: إن التكليف المحتمل إما غير ثابت واقعا فتركه جائز و إما ثابت واقعا لكن مرتفع بعد الترخيص من قبل الشارع نفسه لكونه حرجيا فتكون قاعدة نفي الحرج واردة على الحكم العقل باتيان التكليف المحتمل. أما المقدمة الخامسة صحيحة. هذا توضيحاتنا و بعض مناقشتنا في المقدمات والأهمّ فيها الخدشة في الثانية حيث انكرنا انسداد باب العلمي. ثم يقع البحث عن صحة النتيجة لو سلمت المقدمات في ما يلي. الملاحظات و المصادر [^21]: لا يخفى ان المقدمة الثالثة هي عدم جواز الاهمال دون النظر الى اجراء الاصول المؤمنة اذ كان البحث عن الاصول في المقدمة الرابعة تبعا لصياغة الكفاية. فراجع الكفاية ٢:٩٢. نعم من جهة فنية انما يكون الاهمال باصل عقلي أو شرعي فترجع الثالثة الى الرابعة. [^22]: اقول: لا يظهر ذلك من الكفاية حيث قال: "و أما الثالثة فهي قطعية…لان اهمال معظم الاحكام و عدم الاجتناب كثيرا عن الحرام مما يقطع بأنه مرغوب عنه شرعا". فلا يكون البيان الرافع لقاعدة القبح من جهة ان الظن حجة في ظرف الانسداد بل من جهة القطع بان الشارع لا يرضى باهمال التكاليف رأسا (٢:٩٤).
📅 السبت ١٨ جمادي الاولى المسالك في النتيجة على فرض تمامية المقدمات يقع البحث عن النتیجة فهل هي ثابتة بناء على القول بالكشف او الحكومة؟ قبل الولوج في توضيح هذين الاصطلاحين نقرر الفرق بين الحجية الذاتية و الجعلية. ان الحجية عبارة عن المنجزية و المعذرية في معناه الاصولي و هي تارة حكم العقل باستحقاق العقاب في فرض مخالفة المولى و تارة حكمه بعدمه كذلك. وكانت الحجية نوعان: ذاتية و جعلية و انما المصداق الوحيد للحجية الذاتية هو القطع و لا غير. اما الجعلية - كحجية الخبر - فباعتبار و جعل وتشريع من الشارع. فالفرق الاساسي بين النوعين يظهر في دخل الشارع لجعلها و عدمه. أما الكشف ففسره صاحب الكفاية بانه عبارة عن ادراك و كشف العقل بان الشارع جعل الظن حجة في ظرف الانسداد فتكون الحجية على الكشف جعلية و اعتبارية. أما الحكومة فهي عبارة عن حكم العقل بالحجية دون اي اعتبار من الشارع في حالة الانسداد فهذا حجية ذاتية. لكن السيد الخوئي رفض هذا التفسير قائلا بان معنى الحكومة ليس الا حكم العقل بمنجزية العلم الاجمالي و لمّا كان الاحتياط التام غير ممكن او مطلوب فوجب التبعيض في الاحتياط في دائرة المظنونات. بيان ذلك: إن الخروج عن قاعدة القبح بلا بيان يتحصل إما بالقطع بحرمة شرب هذا الماء مثلا أو بالظن ثبتت حجيته بالقطع. فلا بد إما بالقطع بالتكليف أو بالقطعي بالتكليف حتى توفر البيان الذي رفع به مورد القاعدة المذكورة. و في المقام لا يوجد قطع بالنسبة الى الاطراف و لا قطعي بها بل انما كان العلم الاجمالي يوجب الاحتياط في جميع الاطراف و يجعلها منجزة. لكن بما أن الاحتياط في جميع الاطراف غير مطلوب لكونه حرجيا فيحكم العقل بالتبعيض في الاحتياط و هو امتثال التكاليف المظنونة دون غيرها و هذا معنى حجية الظن بناء على الحكومة عند السيد الخوئي.
📅 الاحد ١٩ جمادي الاولى المسالك في النتيجة (2) فتلخص من ما سبق ان في المسالة ثلاثة اتجاهات: الكشف و الحكومة على تفسير الاخوند و الحكومة على تفسير السيد الخوئي قدمها (التبعيض في الاحتياط). و قد ادعى السيد الخوئي بان منشاء الاختلاف هو المقدمة الرابعة (الثالثة عنده) حيث قال ما مفاده أنه لو بنينا على ان الاحتياط التام غير واجب للعسر و الحرج فهذا لا ينافي حكم العقل بوجوب الاحتياط في بعض الاطراف فإن تَعذّرَ الامتثال القطعي تصل النوبة بحكم العقل الى المرتبة اللاحقة في الامتثال و هي الامتثال الظني في المقام. و بهذا التقرير يتعين الحكومة. لكن لو قررنا المقدمة الرابعة (عدم وجوب الاحتياط التام) مستندا الى الاجماع القائل بان الشارع لا يرضى بامتثال اكثر التكاليف امتثالا اجماليا بل اوجب على المكلفين امتثالها مع قصد الوجه و الجزم فان الاحتياط التام و ان كان حسنا في نفسه لكن لما يؤدي الى عدم قصد الوجه في اكثر التكاليف قام الاجماع على عدم جوازه فيكشف لنا ان الشارع جعل للظن في المقام حجة ليمكننا من قصد الوجه و الجزم. و لنا في المقام تحقيق اولا في الاتجاهات الثلاثة و ثانيا في وجه الفرق ذكره المحقق خوئي فنقول نقدا على مبنى الكشف بان الاجماع المذكور لا يثبت مضافا الى انه من المحتمل ان المولى احال الامر الى حكم العقل في ظرف الانسداد و لا رأى حاجة الى جعل جديد مادام العقل يفي بذلك. أما الحكومة في تفسير الاخوند فنقول إن ما هو ذاتي لشيء لا يتقيد بظرف من الظروف بداهة أنّ فرض ذاتيته يعين ثبوته في كل ظرف فالقول بان حجية للظن في ظرف الانسداد ذاتية له لا يمكن المساعدة عليه بعد القبول بان الظن بما هو ظن في حالة الانفتاح لا يكون كذلك. و حل السيد الصدر في البحوث، بأن حجتيه في ظرف الانسداد وان لم يكن لازما ماهويا له لكن كان لازما وجوديا موقوفا على امر اخر و هو الانسداد نظير الاحراق الذي لازم وجودي للنار الموقوف على الملاقاة، في غير محله و السر في ذلك أن كونها لازما وجوديا اعتراف بانها عرضية للظن و غير ذاتية لا محالة.[^24] أما الحكومة في تفسير المحقق الخوئي: فننكر مبناه القائل بسريان منجزية العلم الاجمالي الى الاطراف و نقول ان العلم الاجمالي لا ينجز سوى الجامع فلا موجب للاحتياط التام رأسا بناء على مسلك المشهور (قبح العقاب). بعبارة اخرى ان العلم الاجمالي لا يقتضي الا وجوب الموافقة الاحتمالية و حرمة المخالفة القطعية و عليه لا وجوب عقليا للموافقة القطعية. المصادر و الملاحظات [^24]: اقول: ظاهر البحوث انه قده حاول ان يدافع عن الاخوند فيما يتعلق بثلم قاعدة القبح حيث يستظهر من كلام الاخوند توسيع دائرة البيان الماخوذ في القاعدة لكي تشمل الظن في ظرف الانسداد و يكون بيانا فيه كما كان القطع كذلك في جميع الحالات و للسيد الشاهرودي رحمه الله بيان توضيحي في الاضواء و الاراء ج٢ ص٤٧٢. و من هنا لو قلنا بان العقل يستقل في الحكم بحجية الظن في ظرف الانسداد دون اي دخل من الشارع فيه و لو بناء ان العقل العملي يحكم بذلك لاجل مولوية المولى فتكون الحجية ذاتية لعدم دخل الشارع فيه على ما سبق من تعريف الاستاذ حفظه الله لها. نعم، الجمع بين كونها مستفادة من الحكم الاستقلالي العقلي و بين انها ليست ذاتية ماهوية له، يحتاج الى التعمق.
📅 الاثنين ٢٠ جمادي الاولى المسالك في النتجية (٣) اما التحقيق في النتيجة على فرض صحة المقدمات فنقول تارة على مذهب المشهور في الاصل العقلي الاولي (قبح العقاب بلا بيان) بانه وإن كانت الاطراف غير منجزة لعدم قيام البيان عليها كان العلم الاجمالي منجزا على حد الجامع بحيث يحرم المخالفة القطعية ليس الاّ، خلافا لما ذهب اليه جلّ الاصحاب من منجزية الاطراف ايضا و وجوب الموافقة القطعية و الاحتياط التام وأنه مع عدم امكانه او كونه حرجيا فيجب عقلا الاحتياط في دائرة الامكان كانت على حد المظنونات أو لا. و تارة اخرى نجري على مذهبنا في الاصل الاولي العقلي (حق الطاعة) فيجب الاحتياط في جميع الاطراف بما انها محتملة و منجزة لا محالة و مع عدم امكانه او كونه حرجيا فأمامنا طريقان: إما نحتاط في الاطراف دون ملاحظة كيفياتها حتى تصل الكمية و التعداد الى حد الحرج و إما نرجح ما له اقوى كاشفية كالاطراف الظنية أو ما له اقوى اهمية كترجيح حرمة شرب الخمر على شرب النجس مثلا. و واضح أن العقل يحكم بالثاني من الطريقين لانه ينتهي الى المعذرية دون الاخر. و في الخاتمة نتعرض لما اجاب به السيد الصدر قده في البحوث دفاعا عن صاحب الكفاية و مذهبه في الحكومة حيث قال: إن فرض حجية الظن في ظرف الانسداد كان معقولا لو قلنا بانها من مقتضيات وجود الظن لا من مقتضيات ذاته، غاية الامر انها موقوفة على شرط اخر و هو الانسداد في المقام و مثّل بالاحتراق للنار بانه لازم وجودي لها المشروط بالملاقاة. لكن جوابه غير تام لان الاحتراق صفة للخشب - مثلا - لا للنار لكي نتكلم عن كونه لازما للنار مضافا الى ان ما هو ذاتي لها هو الاحراق لا الاحتراق و هذا لا يتوقف على شرط من الشروط. فكذا الظن، إما كانت الحجية ذاتية له فلا يعقل تفكيكها بين مقام الانسداد و الانفتاح و إما لم تكن كذلك فلا يجدي الجواب.[^25] المصادر و الملاحظات [^25]: اقول: مثال الشهيد بالاحراق لا الاحتراق. ثم، يظهر من تعليقتنا رقم ٢٤ ان الرد المذكور لا يفي بجواب السيد الشهيد كما هو حقه باعتبار ان المدعى ادراك العقل العملي بكون الظن في ظرف الانسداد بيانا و منجزا و لو بلحاظ انه اقوى كاشف في المقام و لا استحالة في ذلك. الاّ أنّ الاستاذ حفظه الله إقترح بيانا متينا بعد الدرس يجمع بين حكم العقل بالحجية و بين عدم كونها ذاتية له و هو افتراض الحجية له لا بما انها ذاتية للظن في الانسداد بل بما أن اقتران الظن بالانسداد يوجب كشف العقل عنها.
📅 الثلاثاء ٢١ جمادي الاولى 🔹 الاصول العلمية يقع البحث في الاصول العملية و لعله اهم المباحث الاصولية و هنا مقدمة و ضمنها امور. الامر الاول نقول ابتداء في تعريف الاصل بانه: حكم من العقل أو الشرع للتنجيز أو التعذير. ثم لا يخفى هذا مبني على قبول الحسن و القبح العقليين و الاّ يكون التعريف بحكم من العقلاء أو الشرع لهما (كما هو المختار)[^26]. والمنظور اليه بالحكم في حصة العقل هو حكم العقل العملي مع الالتفات الى ان العقل ليس حاكما و جاعلا بل كاشفا و مدركا فاطلاق الحكم بالنسبة اليه من باب المسامحة و يستعمل في خصوص العقل العملي لا النظري حيث يستعمل الكشف و الادراك له لا الحكم. و لا يخفى إنما كان متعلق التنجيز و التعذير تكليفا فعليا. و تبعا لمنشأ الحكم ينقسم الاصل الى العقلي و الشرعي و العقلي منحصر في اصالة البرائة و اصالة الاحتياط. و قد عرّفنا اصالة الاحتياط بوجوب دفع الضرر المحتمل المتجلي في العقاب الاخروي و المراد من الوجوب هنا حكم القعل بالحسن على نحو الالزام. وأصالة البرائة فقد عرفوه بقبح العقاب على مخالفة التكليف مع عدم وصول البيان عليه و المراد من البيان إما القطع بالتكليف أو ما ثبت حجيته قطعا (القطعي بالتكليف). و قد توهم بعضهم بوجود اصل عقلي اخر بعنوان اصالة التخيير عند الدوران بين المحذورين الا أن مرجعه الى البرائة كما ياتي بيانه. هذا بالنسبة الى الاصول العقلية و ما يتعلق بالاصول الشرعية فهي تارة منجزة و اخرى معذرة. و الاولى عبارة عن جعل ايجاب الاحتياط و الاخرى عبارة عن جعل الترخيص في المخلافة. الامر الثاني في موضوع الاصل العملي و عمدة الكلام فيه مبني على مختارنا فنقول ان الحكم الشرعي اما تكليفي كحرمة شرب الخمر أو وضعي كنجاسة هذا الماء أو انتزاعي كجزئية السورة. و التكيفي إما واقعي او ظاهري مع ان الوضعي و الانتزاعي لا ينقسمان اليهما. ثم التكليفي الواقعي اما الزامي و هو الوجوب و الحرمة او غير الزامي و هو الاستحباب و الكراهة. اما الاباحة فلا دليل لجعلها في الشريعة. و الظاهري إما الزامي و هو ايجاب الاحتياط و غير الزامي و هو الترخيص في المخالفة. و لا يتوهم ان التسمية بالظاهري يعني انه ليس بشيء في الواقع بل انه من حيث كونه مجعولا من قبل الشارع حكم في الواقع غاية الامر انه في طول الحكم الواقعي المجهول. و ثابت عند الفقهاء ان موضوع الاحكام التكليفية "المكلف" فلو كان في العالم مئة فرد و حان وقت فريضة الفجر فتصبح مئة تكليف بتعداد المكلفين بوجوب اتيان صلاة الفجر فعليا في حقهم. انما الكلام في تشخيص الموضوع للحكم الظاهري… المصادر و الملاحظات [^26]: التعريف لا يكون مانعا لشموله حجية الامارات كخبر الثقة الاّ انه حفظه الله أكّد بان الحجية حكم انتزاعي كما سياتي بيانه في الامر الثاني فلا يرد اشكال المانعية. و الانصاف ان اتصافها بذلك لا يخرجها عن كونها حكما شرعياّ للتنجيز و التعذير. و لعل في فهمنا قصورا.
📅 الاربعاء ٢٢ جمادي الاولى و الثابت عند الفقهاء ان موضوع الاحكام التكليفية هو المكلف واقعية كانت او ظاهرية فلو كان في العالم مئة فرد و حان وقت فريضة الفجر فتصبح مئة تكليف بتعداد المكلفين بوجوب اتيان صلاة الفجر فعلية في حقهم. الا ان المكلف في الحكم الواقعي يتصف باربعة صفات: القعل و البلوغ و القدرة (على الاتيان في الواجبات و المستحبات و الترك في المحرمات و المكروهات) و الالتفات (و يخرج به الغافل و الجاهل المركب) و في الحكم الظاهري يتصف بالثلاثة الاولى الا الاخير و في مكانها اعتبار شرطين اخرين: عدم العلم أو الامارة الشرعية على الحكم الواقعي نفيا أو اثباتا و احراز الحكم الظاهري بمعنى انه يعلم ان الشارع يجعل هذا الحكم الظاهري عليه. و لا يخفى ان القدرة في الحكم الظاهري القدرة على المخالفة ان كان الحكم ترخيصيا و على الاحتياط ان كان الحكم ايجابه. الامر الثالث ينقسم الاصل العملي باعتبار نوع الشك فتارة تكون الشبهة موضوعية و اخرى حكمية و الاول ينشأ من عدم العلم بعالم الخارج كعدم العلم بكون المائع ماء أو لا و الثاني ينشأ من عدمه بعالم الجعل كعدم العلم بحكم صلاة الجمعة. فبعض الاصول يجري في خصوص الشبهة الموضوعية كقاعدة الفراغ و اصالة الحل و لا يقع البحث عنها في اطار علم الاصول لان الفقيه لا يتسمك اليها في الاستنباط. فان قلت: كيف و ان الفقيه يستخدم كثيرا امثال قاعدة الفراغ في عملية الاستنباط؟ قلت: فرق بين دليل قاعدة الفراغ و نفس القاعدة و ليس من وظيفة الفقيه ان يفتي باجراء القاعدة بل وظيفته البحث عن دليلها و مقدار ما يثبت به و ما شابه ذلك و الدليل عليه امارة لا اصل. و القسم الاخر من الاصول اعم و يجري في النوعين من الشبهة فلا يوجد اصل يجري في خصوص الشبهة الحكمية. من الجدير ان نذكر ان الاصل العقلي لا ينقسم اليهما و هو دائما اعم. ثم ننظم بحوثنا الاتية مع ملاحظة مجرى الشك و حالة المكلف فان كان قاطعا بالتفصيل لا يجري في حقه اي اصل و ان كان قاطعا بالاجمال فان كان الاحتياط ممكن فهو و الاّ فاصالة التخيير. و اما مع عدم القطع فان كان شكه مسبوقا بالعلم فعليه الاستصحاب و الاّ اصالة البرائة. فبناء على ما مرّ سيكون البحث عن هذه الاصول: اصالة البرائة و الاستصحاب و التخيير و الاحتياط. و لا يتوهم ان انقسامه الى الاربعة ينافي انحصاره في الترخيص و الاحتياط لوضوح ان هذا الانقسام ليس بلحاظ نوع الحكم بل بلاحظ حالة المكلف.
📅 السبت ۲۵ جمادي الاولى البرائة العقلية الكلام في الاصل الاولي العقلي و هنا ثلاثة مسالك. الاول منها ما ذهب مشهور الاصحاب القدماء منهم و المتاخرون اليه و هو البرائة العقليه و لهم في المسالة براهين و استدلالات الاّ انها غير قابلة للاستدلال عليها اثباتا أو ابطالا لانها من الوجدانيات التي يستقل بها حكم العقل العلمي[^27]. و ما ذهب اليه المشهور فقد اشتهر على السنتهم بقاعدة قبح العقاب على البيان و المراد منه أن العقل يدرك قبح العقاب من جانب المولى لو كان لاجل مخالفة تكليف لم يقم عليه بيان و المراد من البيان إما القطع بالتكليف أو التكليف الثابت بما تثبت حجيته قطعا (القطعي). قبل ايضاح مسلكنا في المسالة لا بد من التنبيه بأن الواقع لا يكون مرددا ابدا فزيدٌ اما يكون مجتهدا في الواقع أو لا ولا يتصور ثالث لهما خلافا لاعتقاداتنا الذهنية بالمسائل الواقعية فانها قد تكون مرددة بين الامرين فربما نعتقد باجتهاد زيد و الاخرون يتعقدون بعدمه و طائفة اخرى لا تعتقد بهذا و لا بذاك. و مسالة قبح العقاب على التكليف الذي يحتمل المكلف ثبوته تكون من هذا القبيل ايضا حيث في الواقع كان عقابه عليه اما قبيحا او لا و لا يحتمل شيئا ثالثا الا ان الاعتقادات المتولدة من العقل العقلي قد تختلف. فنرى ان المشهور ذهب الى وجدان القبح مع اننا نشعر بعدم قبح العقاب في المورد. هذا و لنا تفصيل في المقام و هو فيما لو كان الشخص قد بذل جهده لتحصيل الاعتقاد الصحيح بالنسبة الى الاصل العقلي الاولي فوصل الى قبح العقاب بلا بيان مثلا و نفرض انه عدمه ثابت في والواقع فهل يقبح عقابه؟ نقول هنا بالقبح و لك مزيد التوضيح في ما ياتي. ثم البيان الماخوذ في لسان القاعدة الدائر في كلماتهم النافي لجريانها ما يشتمل على القطع و القطعي و الاول إما تفصيلي أو الاجمالى و الثاني إما احتمال التكليف قبل الفحص في الشبهة الحكمية أو الامارة الشرعية المثبتة للتكليف أو الاصل الشرعي المنجز. و يرد على هذا التقسيم اشكالان. الملاحظات [^27]: ما للقوم من الاستدلال اقرب الى التنبيه و ان ادعوا غيره و كذا ما في كلمات السيد الصدر حيث تمسك بخالقية او مولوية المولى المقدس لاثبات ان له حق الطاعة في جميع مراتب الكشف. فكلام الاستاذ حفظه الله تام من حيث انه وجدان عقلي لا محالة لكن هذا لا ينافي ايراد بعض التنبيهات و الاستشهادات لتسهيل حكم العقل و انتقاله الى ما كان صوابا.
📅 الاحد ٢٦ جمادي الاولى البرائة العقلية (٢) الاشكال الاول: هو كون الاحتمال قبل الفحص بيانا في الشبهة الحكمية باعتبار انه نقض واضح للقاعدة و الحال انها غير قابلة للتخصيص كسائر الاحكام العقلية. فان قلت: اننا بمواجهتنا الشبهة الحكمية نجد في الواقع امامنا علما اجماليا بالتكليف و هذا كاف لحصول البيان. قلت: هذا لو تمّ، ليقتضي لصحاب القول اجراء القاعدة بعد انحلال العلم الاجمالي بالفحص عن تعداد التكاليف الذي يوجب ذلك، الاّ انهم لا يلتزمون بجريانها حتى بعده. لكن نحن لا نرى اشكالا في منجزية الاحتمال عقلا سواء كان قبل الفحص او بعده. و لو نجري على مسلك المشهور فالانسب جريان البرائة العقلية في المقام لا من اجل كون الاحتمال بيانا نفسه بل لان اخبار (هل لا تعملت) الثابتة حجيتها يوجب الاحتياط قبل الفحص. و بعبارة اخرى ان الاحتياط الشرعي (لا العقلي) المستفاد من تلك الاخبار واردة على حكم العقل بالترخيص و لا يؤدي الى التخصيص في حكم العقل. الاشكال الثاني: (و هو الاهم) في التهافت بينها و قاعدة الاشتغال و تقريره: ان مجرى قاعدة الاشتغال الشك في بقاء التكليف كما ان مجرى الاحتياط الشك في حدوث التكليف والقوم متفقون على جريان البرائة العقلية في الثاني دون الاول و الحال انه لا فرق بينهما. ببيان اخر: لو كان الشك في الحدوث مجرى للبرائة العقلية على مذهبهم لكان الشك في بقاء التكليف كذلك بلا اشكال فالتفريق بين المقامين تهافت بيّن و جميع ما اقترحوا من الحل من زمن الشيخ قده الى زماننا هذا لا يجدي نفعا. ولا يقال ان استحصاب فعلية التكليف يكفي لحصول البيان المقتضي للاشتغال اليقيني لانه يقال بان المشهور قالوا بعدم البرائة لا من جهة الاستصحاب او اي منجز شرعي اخر بل من جهة حكم العقل بذاته فلا محل لمثل هذا التوهم. و دعوى (ان حدوث التكليف اليقيني يستدعي الامتثال اليقيني ولو اقترن بالشك في البقاء) أضعف من قبله لأنه يوكد التهافت المذكور ضرورة ان الشك في البقاء - لو لوحظ بنفسه - مجرى للبرائة بلا اشكال و اليقين بالحدوث لا يرفع ذلك الشك لا محالة فيكون الشك من جهة مجرى للبرائة و من جهة اخرى مجرى للاحتياط حسب دعواهم و هذان لا يجتمعان. و من الجدير ان نلتفت بأنّ ترجيحهم و تقديمهم قاعدة الاشتغال على البرائة في المقام خير منبه و مويد بان البرائة كالقاعدة العقلية الاولية غير تامة في ارتكازاتهم و ان بنوا على صحتها.
📅 الاثنين ٢٧ جمادي الاولى حق الطاعة يقع الكلام في مسلك الشهيد الصدر في الاصل العقلي الاولي و ما عٌبّر عنه بحق الطاعة و هذا المسلك مبني على ثلاثة مقدمات: الاولى: حکم العقل بقبح العقاب و عدمها يستتبع دائرة مولوية المولى و حقه للطاعة فلو كان للمولى حق الطاعة في مورد لا يقبح العقاب لو عصى العبد و ان لم يكن له حق الطاعة في مورد اخر يقبح العقاب عقلا. فمن المهم تعيين وسع و ضیق هذا الحق و تحديد دائرة المولوية. الثانية: فرق بين الموالي العرفية و المولى الحقيقي من جهة ان الطائفة الاولى يجب طاعتهم لاجل الاعتبار و الجعل من العقلاء أو الشرع فتكون المولوية اعتبارية مع ان مولوية المولى المقدس غير مجعولة بل حقیقة و ذاتية له سبحانه و تعالى و من ما يدركه العقل دون الحاجة الى اي اعتبار. والمولوية الاعتبارية قد تكون بجعل من العقلاء كمولوية الامراء لبلدانهم و قد تكون بجعل من الشارع كمولوية النبي و الامام عليهم السلام. الثالثة: كما أن منشأ المولوية العرفية هو الاعتبار فكذلك دائرة هذه المولوية و سعة حق الطاعة تابعة للاعتبار خلافا للمولى الحقيقي فانّ سعة حق طاعته من مدركات العقل كما ان اصل مولويته كذلك لكن لا يخفى ان دور العقل ادراكها ليس الاّ. تبيين المسلك: بعد توضيح المقدمات نقول ان حال الكلف بالنسبة الى التكليف لا يخرج من اربعة: اما هو قاطع بالتكليف او له حجة شرعية بالتكليف (فهو بمنزلة القاطع) او يحتمل التكليف او هو قاطع بعدمه. ولا خلاف بين المسلكين في ان المكلف مستحقا للعقوبة في الموردين الاوليين و لا يكون كذلك في القسم الاخير الاّ ان السيد الصدر خالف المشهور في المورد الثالث حيث ذهب الى وجود حق الطاعة للمولى المقدس في التكاليف المحتملة. و صرح بان المشهور غفلوا عن الفارق الاساسي بين المولوية العرفية و المولوية الذاتية و خلطوا بينهما بحيث يجعل الثاني كالاول مع ان حق الطاعة في الاول تابعة للاعتبار و يقبح لدى العقلاء العقاب على التكليف غير الواصل بنحو القطعي الا ان هذا اجنبي عن حكم القعل بوجوب اطاعة المولى في التكاليف المحتلمة لاجل وسعة دائرة مولويته. النقد قبل تحقيق المطلب في كل من المقدمات و كذا في النتيجة يحسن التنبيه على ان مركز الخلاف و نكتة البحث شيء بسيط و هو وجدان العقل العلمي و اداركه بالنسبة الى وجوب الاحتياط في التكاليف المحتلمة و عدمه. و نشعر بان التفاصيل المذكورة من جانب الشهيد الصدر قده ضمن مقدماته لا يزيد من اصل المسالة الا بعدا و لا يساعد في ايصال النتجية.[^29] و مع غض النظر نقول في نقد المقدمات: الاولى: انه قسّم الحق الى الاعتباري و الواقعي و مثال الاول حق التاليف و التحجير المجعول من العقلاء و الشارع و مثالالثاني حق الطاعة للمولى و ليس له مصداق غيره. غير ان هذا التقسيم محل اشكال لاننا - حسب المختار - نقسم الحق الى الاعتباري و الانتزاعي و حق الطاعة امر انتزاعي عن وجوب الطاعة و لا فرق بين حق الطاعة للمولى المقدس و الموالي العرفية ليقال ان الاول واقعي و الثاني اعتباري. و السر في ذلك ان كلا الحقين منتزعان من وجوب الطاعة و لا فارق بينهما في ذلك غاية الامر وجوب الطاعة في المولى وجوب عقلي و في الموالي العرفية وجوب عقلائي[^30]. فان قلت: كما يعقل انتزاع الحق عن الوجوب كذا يمكن انتزاع الوجوب عن الحق فما هو الوجه في ترتب الاصالة على الوجوب؟ قلت: انه من البديهي ان المجعول من قبل الشارع و العقلاء الحكم بوجوب الطاعة و من ثمّ ينتزع حق الطاعة لا العكس.[^31] ملاحظات [^29]: و الانصاف ان تصوير المسألة بشكل دقيق ضمن المقدمات التي ذكرها يساعد كل من الطالب و المحقق في فهم الخلاف بنحو احسن و من هنا انتقال العقل الى الادراك الصحيح. [^30]: و لعل هذا قصد السيد الشهيد بتقسيمه حق الطاعة الى الاعتباري (لان منشاء وجوبه الاعتبار) و الواقعي (لان منشاء وجوبه العقل) و هذا لا ينافي ما تفضل به الاستاذ حفظه الله لاختلاف الحيثيات في التقسيم. [^31]: الاشكال تصحيح فني من الاستاذ حفظه الله.
📅 الثلاثاء ٢٨ جمادى الاولى حق الطاعة (٢) الثانية: انّ تقسيم المولى الى الاعتباري و الحقيقي غير تام من جهة فنية لان المولى حقيقي في كلا الفرضين و انما المولوية تنقسم اليهما على البيان التالي و هو: ان المولوية من الامور الواقعية لانها منتزعة من جوب العقل بالطاعة و المولى هو من يجب طاعته عقلا أو عقلائاً. ثم الامور الواقعية تارة تكون في طول الاعتبار كمالية النقود (فنسميها الواقعي الاعتباري) و اخرى في طول الواقع نفسه كمالية الذهب (و نسميها الواقعي الواقعي). ومفهوم المولوية من قبيل ذلك لان مولوية الشارع المقدس واقعي واقعي و مولوية الموالي العرفية واقعي اعتباري فتقسيم المولى الى الاعتباري و الحقيقي لا يخلو من تسامح. أما سائر ملاحظتنا على ما افاده فسيظهر ضمن توضيحنا للمختار في المسالة. المسلك المختار: البرائة العقلية نقول ابتداء ان وجوب اطاعة المولى لا يكون مُدرَكا للعقل العلمي مباشرة بحيث لا يحتاج الى دليل و مناط اخر فمن هنا قال المتكلمون بان مناط الوجوب شكر المنعم مع انّ الفقهاء وجّهوا الوجوب من باب دفع الضرر المحتمل. أمّا السيد الشهيد فتمسك مالكية و خالقية المولى قائلا بانها توجب مولويته و وجوب طاعته. ويرد عليه بان الخالقية يعني اعطاء الوجود و نعمة الوجود توجب شكر منعمه و هذا نفس مقالة المتكلمين. أما بناء على المختار فيكون وجوب الطاعة من باب دفع الضرر المحتمل و المراد من الضرر العقاب الاخروي. والوجه في ذلك ان العقوبة الاخروية لو لوحظت كمّا و كيفا لا تقاس مع الاضرار الدنيوية بشيء و العقل السليم لا يترك الاحتياط تجاه مثل هذا المحتمل العظيم الخطير. ثم يظهر لنا ان السيد الصدر خلط بين مفهوم وجوب الطاعة و وجوب الاحتياط و الفرق بينهما ان الطاعة متفرعة على ثبوت التكليف و الاحتياط لا يكون كذلك. بيان ذلك: ان الاحتياط يجمع مع وجود التكليف في الواقع و عدمه فان اتى بمتعلق التكليف و لو لم يكن هذا التكليف ثابتا في الواقع يصدق بان يقال انه احتاط لكن لا يصح القول بانه اطاع المولى في تكليفه لانتفاء موضوعه. وهذه النكتة هي العمدة في النقاش و الخدشة على مسلك السيد الصدر لان مركز الخلاف بينه و بين المشهور في وجوب الاحتياط عند احتمال التكليف لا في وجوب الطاعة ليبحث عن دائرة طاعته ضمن مولويته و حقه لذلك.[^32] الملاحظات [^32]: وفيه: يظهر من كلامات الشهيد الصدر (بحوث ٤ ص٢٩) انّ مراده من حق الطاعة هو دائرة مولوية المولى و غاية منجزية احكامه. و بعبارة اخرى: ان تحديد وسع و ضيق حق الطاعة على مصطلحه يساوق تحديد و تعيين ما يقبح العقاب عليه و ما لا يقبح العقاب عليه لان هذا معنى المنجزية. فعليه، البحث عن وجوب الاحتياط بحث عن حق الطاعة لا محالة لاننا نتسائل من عقولنا العملية هل يقبح العقاب لو تركنا الاحتياط أو لا؟ و بالخلاصة: لما كان البحث عن حق الطاعة يركز على دائرة المولوية و المنجزية (قبح العقاب و عدمه) فالسؤال عن قبح العقاب في فرض احتمال التكليف سوال عن حق الطاعة. فلا خلط بين المفهومين حسب بيانه قده.
📅 الاربعاء ٢٩ جمادى الاولى المختار: الاحتياط العقلي (٢) فالمدار كل المدار انما على وجوب الاحتياط لا حق الطاعة. و منشاء هذا الوجوب حكم العقل بدفع الضرر المحتمل الاّ ان هذا التعبير لا يخلو من مسامحة باعتبار ان موضوع وجوبه احتمال الضرر لا الضرر المحتمل. توضيح ذلك: ان وجوب دفع الضرر المحتمل يفترض امرين: الاول وجود الضرر و الثاني احتماله و هذا يعني إناطة حكم العقل بوجوب الاحتياط بوجود الضرر مع ان مجرد احتمال الضرر يوجب الاحتياط و ان لم يوجد ضرر في واقع الامر. وبهذا يؤكد اشكالنا على منهج السيد الصدر لانه جعل حق الطاعة المحور لحكم العقل، وهذا يعني ان حكم العقل يستتبع امرين: الاول وجود الحق (التكليف) في الواقع و الثاني احتماله لدى المكلف مع اننا حققنا ان وجود التكليف لا دخل له في الحكم العقل بوجوب الاحتياط بل مجرد احتمالهما يكفي.[^33] فتلخص من جميع ذلك ان المهم في ترتب حكم العقل بالاحتياط وجود احتمال الضرر عند احتمال التكليف. ثم من هنا ينكشف لنا محل النزاع بين المشهور و السيد الصدر حيث ان الفريقين يحتملان الضرر - اي العقاب - بدواً عند احتمال التكليف الا ان المشهور يعتقدون بقاعدة قبح العقاب بلا بيان و يعتمدون عليها لنفي احتمال العقاب. و السيد الصدر بما انه لا يعتقد بها لا يزال احتمال العقاب باقيا في افق نفسه. ومرجع اختلافهم في اعتقادهم بها هو الوجدان عند العقل العملي كما اسلفنا ذكره. الوجدان الذي نحن نشعر بصحتها هو ما عليه السيد الصدر من عدم الاعتقاد و الجزم بمفاد القاعدة. وملاحظتنا على المشهور انما يكون في تسرعهم في دعوى اليقين بالقاعدة لانّ من ادعى انه لا يحتمل العقاب ولو بمقدار ضئيل خصوصا مع شدة الامر وخطورته في الحياة الاخروية فقد كابر. وببيان اخر: ان احتمال التكليف يورث احتمال الضرر و العقاب بلا اشكال، و دعوى ان اليقين بقاعدة القبح يرفع احتمال الضرر ممنوعة، لعدم تكوّن هذا اليقين في انفسنا، ونرى من البعيد ان من رجع الى نفسه لا يجد شيئا من الشك في القاعدة. الملاحظات [^33]: واتضح من التعليقة السابقة ان امثال هذه الايرادات ترد عليه لو كان مراده من حق الطاعة ما فسره الاستاذ حفظه الله و الا لو كان مراده ما يتضمن منجزية الاحتمال كما هو ظاهر كلماته فلا ترد والله العالم.
📅 السبت ٩ جمادى الثانية فتلخص من جميع ما تقدم من القول في البرائة العقلية انه بناء على قبول الحسن و القبح العقليين لا شك في ان طاعة المولى المقدس واجب عقلا كما ان دفع الضرر المحتمل كذلك بلا اشكال و هذان القضيتان محل قبول للجميع. ثم بالنسبة الى الاول فمذهب المشهور الى ان اطاعة تكاليف المولى واجب عقلا بشرط ان قام عليه بيان و الاّ يقبح العقاب على مخالفته و القبيح لا يصدر منه سبحانه. و خالفهم السيد الصدر قائلا بعدم القبح على فرض مخالفة التكليف المحتمل فعلى مذهبه تكون التكاليف واجبة الاتيان ما دام المكلف يحتملها و ان لم يكن على حد البيان. ولا يخفى ان وجوب طاعة المولى عقلا فرع وجود التكليف والاّ كان الكلام عن طاعته في فرض عدم التكليف لغوا كما هو واضح. فعليه كان موضوع وجوبه عند المشهور التكليف المقطوع وعند السيد الصدر التكليف المحتمل. اما الحكم الثاني بوجوب دفع الضرر المحتمل فهو ايضا محل اتفاق لكن كان موضوعه احتمال الضرر لكفاية مجرد احتماله لحكم العقل بالدفع لاننا لو احتملنا ان في الدار عقرب لنفرّ من المكان بالسرعة و ان لم يوجد عقرب فيه في الواقع. والنسبة بين الحكمين اي وجوب الطاعة و دفع الضرر ان احتمال التكليف يورث احتمال الضرر الاخروي اي العقاب ولا يقال ان هذا الاحتمال الاخير منفي ببركة قاعدة القبح القطعية - كما صنع المشهور و استندوا الى قطعهم بالقاعدة لنفي احتمال العقاب- لاننا نقول انه لا قطع بقبح العقاب في موارد احتمال التكليف فيبقى احتمال العقاب على حاله و يحكم العقل بالاحتياط. والسيد الصدر خلط بين حق الطاعة و وجوب الاحتياط و تكلّم عن الاخير ضمن الاول الا ان الصواب من جهة فنية هو ما صنعنا من التمييز بينهما و ان كانت النتجية واحدة. البرائة العقلائية ثم يقع البحث في البرائة العقلائية: اتّفق الجميع - منهم السيد الصدر - على أن العقلاء لا يعاقبون على المخلافة ما لم يكن التكليف مقطوعا واصلا للمكلف. لكن هذا محل اشكال في نظرنا بعد لحاظ ان سلوك العقلاء خلاف ذلك بتمامه فلو قال مولى لعبده اكرم زيدا باطعامه عند مجيئه ثم جاء شخص و اشتبه لدى العبد انه زيد او عمر فلم يكرمه و يطعمه فيعاقبه المولى، لا يتصف تاديبه بالقبح عند العقلاء لان العبد احتمل انه زيد والامثلة كثيرة في هذا الباب تُنّبه على ان ارتكاز العقلاء على الاحتياط في الموارد المشكوكة لا الاعتماد على البرائة.[^34] وللقائلين بها و المنكرين مجال ان يستخدموها كحد وسط في اثبات البرائة الشرعية او الاحتياط الشرعي و سياتي تفصيل الكلام. الملاحظات [^34]: و يخطر بالبال ان الصواب التفصيل بين المقامات و الموارد ففي بعضها يجرون على البرائة و في بعض اخر على الاحتياط.
📅 السبت ٢٣ جمادى الثانية حديث الرفع قد سبق ان مورد حديث الرفع الاحكام الالزامية فان كان الحكم واقعيا كحرمة شرب سائل و اضطر المكلف الى شربه يرفع تحريمه و ان كان ظاهريا فهو إما الترخيص في المخالفة و لا يعقل رفع الحكم الترخيصي لعدم ترتب العقوبة عليه وإما ايجاب الاحتياط فيرفعه. توضيح ذلك: لو شك المكلف بان السائل الذي امامه طاهر او لا مع اليقين السابق بنجاسته فمقتضى الاستصحاب ايجاب الاحتياط في شربه الاّ ان الحديث يسوغ له الشرب و يرفع هذا الايجاب ايضا. لا يقال ان الاحتياط حكم طريقي و مخالفته لا يستحق العقوبة فلا يعقل رفعه لاننا نقول ان العقوبة بالنسبة الى المتجري لا تزال ثابتة فيكون رافعا لهذا العقاب. في كون الرفع ظاهريا أو واقعيا هل الرفع ظاهري او واقعي؟ المراد من الرفع الواقعي عدم وصول التكليف الى المرحلة الفعلية و من الرفع الظاهري عدم وصوله الى مرحلة التنجز و لا يخفى ان الاول يساوق تقييد التكليف بعدم الاكراه مثلا في مرحلة الجعل و اخذ عدمه في الموضوع عند التشريع و الثاني يساوق تشريع و جعل الحكم بنحو الاطلاق بحيث يشمل المكره عليه الا ان المولى يجعل حكما ثانيا ياذن للمكره عليه في مخالفة التكليف الاول. والمراد من التقييد اعم من التقييد المصطلح و التركيب و الحصة التوأمة. في المسالة ثلاثة اقوال، القول الاول ما يستفاد من كلمات الاخوند في جمعه بين الحكم الواقعي و الظاهري حيث فسر حقيقة التكليف بالارادة الشديدة للمولى بحيث لا يرضى في المخالفة و مع ذلك لا يعقل الرفع الظاهري في ما وضعه واقعا لان معنى الرفع الظاهري الاذن في المخالفة و هذا لا يجمع مع عدم الرضا لا محالة. فيترتب على تفسيره للتكليف ان جميع الفقرات حديث الرفع رفع واقعي. و القول الثاني للمشهور حيث ذهبوا الى الرفع الواقعي في الجميع الا في حالة عدم العلم و الثالث للسيد الصدر حيث ذهب الى الواقعي في الستة و الظاهري في الخطاء والنسيان وعدم العلم. و يلاحظ على مقالة الاخوند اولا بان حقيقة التكليف ليست الا الطلب الانشائي بداهة انما المهم و المدار في العلقة بين العبد والمولى هو ابراز المولى تكليفا بنحو الانشاء فان قال المولى اريد منك اكرام زيد ارادة شديدة لكن لا آمرك به فلا تكليف واقعا على العبد. وثانيا - مع التسليم بان التكليف هو الارادة - بان اخذ قيد (بحيث لا يرضى) في تعريف التكليف لا وجه فيه و يلزم منه عدم جمعه مع الاذن و الحال ان الارادة الشديدة بنفسها قابلة للجمع مع الاذن فلا استحالة لو قال المولى لعبده انّ في النفس ارادة شديدة لاكرام زيد لكن اذنت لك عدمه.
📅 الاحد ٢٤ جمادى الثانية امّا مقالة السيد الصدر بتخصيص الفقرات الثلاثة الاخيرة اي (الخطاء و النسيان و عدم العلم) بالرفع الظاهري مخالف للمشهور في امكان فعلية التكليف بالنسبة الى الغافل و الجاهل المركب حيث قال السيد الصدر بها مع عدم تنجزه و المشهور على عدم فعليته راسا. والمسالة مبنية على تصوير التكليف هل هو الطلب الانشائي فتستحيل الفعلية أو انشاء الطلب فتمكن. و كيف ما كان، في مراد السيد الصدر احتمالان، الاول: أن عدم تنجز التكليف في هذه الثلاثة لاجل عدم المنجِز و يلاحظ عليه بان هذا البيان و ان كان صحيحا في نفسه الا انه اجنبي عن الحديث لان الغافل و الجاهل بكلا قسميه لا يحتمل التكليف على كل حال و لا حاجة الى جعل من الشارع بان يقول انني ارخصك في المخالفة لان الترخيص فرع احتمال التكليف والحال ان المكلف لا يحتمل شيئا من ذلك. و الاحتمال الثاني: ان عدم التنجز لاجل الترخيص من الشارع المستفاد من الحديث و فيه: ان الاحكام الطريقية و منها الترخيص في المخالفة لا تكون فعلية الا كانت واصلة و الحال ان وصول الترخيص الى المكلف خلاف الفرض لان الغافل يخرج من غفلته بعد وصول الترخيص و الجاهل المركب يقطع بخلاف مفاد الترخيص فكيف يقبل وررد الترخيص. اما قول المشهور في كون الرفع واقعيا في جميع الفقرات الا الاخيرة فيشكل عليه اولا بان تكليف الغافل و الجاهل المركب محال على مبناهم فلا معنى للرفع راسا بعد استحالة التكليف عليهما ولا يرد هذا الاشكال علينا بعد قبولنا بامكان تكلفيهما بناء على كون حقيقة التكليف انشاء الطلب لا الطلب الانشائي. وثانيا بان عدم تكليفهما لا يختص بامّة النبي ص لانه من المتيقن ان الامم السابقة غير مكلفة في حالة الغفلة و الجهل المركب لعدم امكانه ثبوتا و الحال ان ظاهر الحديث اختصاص امة النبي بهذا الرفع امتنانا عليهم. هذا و دليل المشهور على استثناء الجاهل البسيط (ما لا يعلمون) من الرفع الواقعي هو قاعدة اشتراك الاحكام بين الجاهل و العالم التي كانت مورد الاتفاق عندهم و من الضررويات. و فيه أن كونه اتفاقيا لا يجدي شيئا لان عدم الردع من قبل المعصوم عن اتفاقهم انما يكون امضاء لو كان مفاد اتفاقهم مخالفا للاحتياط و الحال ان المقام يوافق الاحتياط. مضافا الى ان كون القضية من الضروريات لا يلازم تطابقه للواقع بداهة ان كثيرا من ضروريات الناس في الازمنة السابقة صار من المسائل التي يرفضها العلم و غير مقبولة عندهم فلا يكفي دعوى الضرورية لاثبات القاعدة.
📅 السبت ۱ رجب المرجب الامر الثاني في معنى الرفع في خصوص فقرة ما لا يعلمون و هنا ثلاثة احتمالات: أ. رفع ايجاب الاحتياط بمعنى ان الشارع ما وضع و جعل الاحتياط الشرعي في حق الشاك. و يشكل عليه بانه لا يمكن حمل الرفع على هذا المعنى لان عدم جعل الاحتياط لا يستلزم الترخيص الشرعي بل غاية ما يفيد هو احالة المكلف الى حكم العقل و بناء على مختارنا (الاحتياط العقلي) هذا لا يكون امتنانا على المكلف. نعم على مبنى المشهور (البرائة العقلية) عدم جعل الاحتياط يساوق احالته الى البرائة العقلية مع امكان جعل الاحتياط شرعا فيكون امتنانا و لا يرد الاشكال. ب. الاذن في ترك الفعل بمعنى ان الشارع قال اذنت لك في شرب هذا المائع المشكوك نجاسته. و ردّه المشهور قائلا بانه يستلزم اجتماع النقيضين لانه من ارادة المولى لفعل (و هو ترك الشرب) و عدم ارادته له في نفس الوقت و هذا محال. لكن قلنا سابقا ان اجتماع الاذن في الترك مع الارادة لفعله من ما لا اشكال فيه عقلا الا ان ورود الاذن في الترك بعد ارادة فعله يستغربه العرف.[^35] ج. الاذن في المخالفة - و هو المختار و لا يرد محذور الاستغراب العرفي - بمعنى ان الشارع اراد التكليف واقعا و رخص المكلف في المخالفة في حالة الشك و الجهل البسيط. والوجه في عدم ورود المحذور المذكور ان في السابق كان متعلق الارادة و الاذن نفس الفعل و في المقام كان متعلق الادراة الفعل و متعلق الترخيص و الاذن عنوان المخالفة. [^36] الملاحظات [^35]: الظاهر ان رد المشهور او ما نسبه الاستاذ اليهم مع غض النظر عن كون الرفع واقعيا او ظاهريا و الا دخل الاشكال ضمن شبهة التنافي بين الحكم الواقعي و الظاهري. [^36]: لا يظهر من هذا البيان فارق جوهري بين الاحتمالين الاخرین لان الاذن في مخالفة تحريم الشرب ليست الا الاذن في شربه و هذا هو الثاني. و لعل له تكملة توضيحية في ما سياتي.
📅 الاحد ٢ رجب المرجب الامر الثالث في شمول الفقرة للشبهات الموضوعية و الحكمية اختلف الاصحاب في شمول فقرة (ما لا يعلمون) للشبهات الموضوعية و الحكمية حيث قال بعضهم بشموله و ذهب اخرون الى تخصيصها بالشبهات الموضوعية و المحقق العراقي الى تخصيصها بالعكس. وعمدة الاشكال على شموله لهما هو دعوى عدم وجود جامع بين الشبهتين يدل عليه الموصول و بعبارة اخرى لو يشمل الدليل الشبهتين معا فلا بد من فرض الجامع المعنوي بينهما يدل عليه الموصول و الحال ان تصوير هذا الجامع غير ممكن لاختلاف سنخ المشكوك في الشبهة الموضوعية تماما عن المشوك في الشبهة الحكمية. وأجاب السيد الصدر عن الاشكال بأن الجامع هو التكليف، غاية الامر ان المشكوك في الشبهة الحكمية التكليف الكلي و المشكوك في الشبهة الموضوعية التكليف الجزئي. و بتعبير المعاصرين الشك في الاول شك في الجعل و في الثاني شك في المجعول لكن على كلا الفرضين الشك يكون في التكليف. و يلاحظ على جوابه قده بانه و ان كان التقسيم الى الجعل و المجعول صحيح الا ان رفع التكليف بمعنى الجعل لا معنى له. والصحيح أن المشكوك دائما هو المجعول اي التكليف الفعلي و موضوع جريان الاصل انما الشك في التكليف الفعلي ليترتب عليه الاثر الشرعي والاّ لو شكك المكلف في جعل كلي و تشريع دون ان يشك في ثبوت تكليف فعلي عليه لا معنى لجريان الاصل الترخيصي. و السرّ في ذلك ان المقصود من الرفع و الترخيص رفع التنجز و لا يخفى ان الجعل الكلي لا يقبل التنجز بل هو من خصوصيات المجعول. وبهذا يخدش جواب السيد الصدر لان شمول الموصول و الرفع للجعل الكلي من ما لا معنى له فلا بد من الالتزام بان المشكوك دائما هو المجعول. وبعد ملاحظة جواب السيد الصدر يمكن لنا ان نقول ان الجامع هو التكليف الفعلي و مع ذلك يشمل الشبهتين بالبيان التالي: ان الشك في المجعول تارة لاجل الشك في الجعل الكلي و تارة لاجل الشك في الموضوع الخارجي. و مثاله: لو شك المكلف في حرمة شرب الخمر عليه، كان منشأ شكه الشك في تشريع التحريم من قبل الشارع و لو شك في حرمة شرب السائل الذي امامه -بعد العلم بان شرب الخمر محرم - لاجل جهله بحقيقة السائل هل هو خمر او خل - فمنشأ شكه في فعلية التحريم لا لاجل الجعل بل لاجل الجهل بالموضوع الخارجي. والاول من الشبهة الحكمية و الاخر من الموضوعية مع ان الشك في كليهما الشك في التكليف الفعلي. فهذا تصور معقول لجامع بين الشبهتين. و ادّعى الاخرون بان وحدة السياق تقتضي انحصار الموصول في الشبهة الموضوعية لان الموصولات الاخرى في الحديث ك(ما اضطروا اليه و ما اكرهوا عليه و ما لا يطيقون) تحمل على الفعل الخارجي و هذا لا يلائم مع الشبهة الحكمية لان المشكوك هو الحكم لا الفعل. لكن هذه الدعوى مخدوشة بسببين، الاول: لو سلمنا اقتضاء السياق حمل الموصول في فقرة (ما لا يعلمون) على الفعل فهذا لا يعد اشكالا لان المشكوك في الشبهة الحكمية هو الفعل الخارجي ايضا، لان شك المكلف في تنجز شرب الخمر شك في جواز ارتكاب فعل من الافعال و هو الشرب في المثال. هذا، والسبب الثاني هو رفض بناء الاشكال اي اقتضاء وحدة السياق على ما ادعي و توضيح ذلك: ان تكرار عنوان في الكلام تارة يفترض فيه وحدة المعنى الاستعمالي في افراده و اخرى وحدة المعنى الجدي و ثالثة وحدة مصاديق المعنى. مثال الاول قولك: اطيعوا الامام و صلوا خلف الامام، و المراد في الاول الامام بمعنى الزعيم و في الثاني بمعنى امام الجماعة. و مثال الثاني قولك: اكرم العالم و قلّد العالم، و المراد الاستعمالي من العالم في الفقرتين واحد الا ان في الاول المقصود مطلق العالم و في الثاني العالم الجامع للشرائط فهذا مقيد و نتيجة ذلك نقول ان المراد الجدي في الاول يختلف عن الثاني. و مثال الثالث قولك: لا تسرق ما كان لباسا و لا تسرق ما كان ماكولا و واضح ان المعنى الاستعمالي للموصولتين واحد كما ان المراد الجدي كذلك الا ان مصاديقهما يختلف تمام الاختلاف لعدم وجود اي لباس يكون ماكولا في نفس الوقت عادة. فبناء على القواعد العرفية في المحاورة نتسائل: في اي من المراحل يجب تبعية قانون وحدة السياق؟ والصحيح ان غاية ما تقتضي وحدة السياق هو حمل العنوانين المتكررة على معنى استعمالي واحد و لا دخل لهذا القانون في توحيد المعاني الجدية فضلا عن مصاديق العنوانين. و من العجيب انّ من رفض شمول الفقرة للشبهات الحكمية بناء على هذا القانون طبّقه فيما كان الاختلاف في المصاديق! بداهة ان المراد الاستعمالي و الجدي في الموصولات المذكورة في الحديث واحد بلا اشكال و انما الاختلاف في المصاديق. فعليه لا وجه للاشكال لا تسلّما و لا مبنويا.
📅 الاثنين ١٧ رجب الوجه الخامس و تمسك بعضهم باصل الاستصحاب لاثبات البرائة الشرعية تارة باستصحاب عدم الجعل الكلي و اخرى عدم فعلية التكليف قبل البلوغ و ثالثة العدم الازلي بالنسبة الى موضوع الحكم. و تقرير الاخير: بانه من المتيقن ان هذا الخمر ليس حراما عند عدم وجوده ازليا فلا يكون كذلك الان بعد الكشف فيها. و جميع التقريرات الثلاثة محل اشكال نتناوله عند بحثنا عن الاستصحاب. لكن يصح جريانه عندنا بتقرير رابع و هو كون الشك في فعلية شرب الخمر عليَّ الان، مع اليقين بعدم جعل حرمته عليّ المستفادة من عدم الجعل الكلي المنحل الى حكم جزئي بالنسبة اليّ.[^38] و على كل تقدير لا نسلم ان هذا الاستصحاب يثبت المقصود لان الترخيص المثبت بالاصل المذكور غير الدعوى بوجود اصل ترخيصي مستقل اسمه البرائة الشرعية. مضافا الى ان دليل الاستصحاب هو نفسه يحتاج الى البحث و حاله ليس باحسن من دليل البرائة لو لم يكن اسوى. و هذا مع غض النظر عن وجود الخلاف بينهم في صحة جريانه في عدم الجعل رأسا و مع التسليم أليس لنا ان نستصحب عدم جعل البرائة الشرعية نفسها؟[^39] ولعل الاهمّ في الاشكال في مرحلة العمل و التطبيق و ان موضوعه غير موضوع البرائة كما لا يخفى لانه يحتاج الى يقين فعلي[^40] سابق و مجرى البرائة شك غير مسبوق باليقين و محاولة تبديل كل شك بدوي الى ما كان مسبوقا باليقين غير عرفي قطعا. فحاصل الوجوه الخمسة ان الصحيح منها لاثبات المدعى هو الثاني (السنة) والثالث (ارتكاز القدماء) والرابع (الغاء الخصوصية). و جميع ما تقدم بحث في المقتضي و من ثمّ نتعرض لبعض الموانع و الاعتراضات الواردة على ما سُلّمت من الوجوه. الملاحظات [^38]: والاشكال فيه ظاهر لمنع الانحلال لما لم يجعل اصلا لان المفروض عدم جعل حكم كلي فكيف يتصور انحلاله الى الاحكام الجزئية؟ اللهم الا ان يقال ان عدم جعل اللزوم يساوق جعل الترخيص و ما اظن انه قابل للالتزام. ثم مع غض النظر عنه، ~القول~ بان الحكم الكلي ينحل الى الاحكام الجزئية بافراد المكلفين حال التشريع و لو كانوا غير موجودين، ~مناف~ للقول بان الموضوعات في الجعل تكون مقدرة الوجود لا فعلية الوجود، المقتضي بان الحكم ينحل الى افراده عند وجودهم لا قبله. [^39]: و اشار حفظه الله الى هذه النقطة بعد الدرس. [^40]: و احترز بهذا القيد من اليقين الذي يحتاج الى التفات و تدقيق و الفائدة ان موضوع دليل الاستصحاب اليقين الفعلي لا المحتاج الى الالتفات.