eitaa logo
منهجة الاستنباط (احمد مبلغی)
814 دنبال‌کننده
300 عکس
102 ویدیو
30 فایل
روش شناسی
مشاهده در ایتا
دانلود
في النظرة الفلسفية للإمام، كل التعلقات البشرية بالجمال والعلم والوعي تنبع من هذا الحب للكمال. هذا الحب للكمال يخلق في الإنسان نشاطًا واستكشافًا استثنائيين، بحيث يصبح الإنسان مفتونًا ومركزًا على كل ما يظهر جماليًا. ولكن الإمام الخميني يحذر من أنه في العديد من الحالات، ما يحبه الإنسان ليس فقط لا يقوده إلى الكمال، بل يمكن أن يكون عائقًا كبيرًا أمام الوصول إلى المعشوق الحقيقي، أي الكمال المطلق؛ ذلك لأن الإنسان يخطئ في تحديد مصداق الكمال أو ما يؤدي إلى الكمال. كتاب "الأربعون حديثًا" للإمام الخميني منظم بطريقة تضم محتوى يغذي هذا الحب للكمال ويعزز الحس الجمالي نحو الكمال في الإنسان. الإنسان يشبه الطائر الذي يطير نحو نور الكمال، لكن في هذا الطريق يجب أن يتجنب فخاخ النفس والتعلقات الدنيوية المتعددة ليتمكن من الوصول إلى هدفه النهائي، وهو الكمال الحقيقي. هو يعتقد أن الحب للكمال، إذا تم توجيهه بشكل صحيح، يمكن أن يقود الإنسان نحو التعالي والتقدم الروحي. 7️⃣ السلوك والحركة نحو الله: إن حركة مكافحة النفس بهدف إيجاد الحالة التهذيبية فيها، من وجهة نظر الإمام الخميني، لا يمكن أن تتم إلا بنحو سلوكي. فمثل هذه الحركة تحتاج إلى سلوك معين، يبدأ من النفس والذات، ويتوجه للوصول إلى الله سبحانه وتعالى. هذا السلوك يتضمن مراحل تسودها الأصول ركزت عليها الأحاديث. فكل من يسعى إلى تزكية النفس يجب أن يعمل على تطوير وتعميق هذه الأصول، وإزالة العوائق النفسية من خلال تلك الأصول، ليتمكن من إخراج النفس من حالة المواجهة للموانع ويصل بها إلى الكمال. ومن هنا، تم تنظيم الأربعين حديثًا له بما يتناسب مع هذا السلوك. 8️⃣ معالجة النفس كأساس للحركة الاجتماعية والحضارية: كان الإمام الخميني يعتقد أن مكافحة النفس، إذا تم تنفيذها بدقة وبطريقة سلوكية وعلى أساس مبادئ محددة تقدمها الأحاديث، وتم دمجها مع الفطرة الميالة إلى الكمال والعاشقة له من جهة، ومع النفس التي تقودها المعرفة والهداية من جهة أخرى، فإنها ستكون حركة هذه النفس بالتأكيد ذات انعكاسات اجتماعية مهمة. وهذه الانعكاسات الاجتماعية يمكن أن تصل إلى حد التحول الحضاري. لأن جزءًا مما يتحقق في النفس يرتبط بأنواع مختلفة من المعرفة وينبثق منها، وهذه الأنواع من المعرفة تحمل تأثيرات تقضي على عوامل الظلم والفساد والانحطاط والجهل، مما يفتح الطريق أمام إمكانيات حضارية داخل المجتمع والتاريخ. ✅️ القسم الثاني: دراسة حديث من الأربعين حديثًا: عن زرارة، قال: سألت أبا عبد اللّه، عليه السّلام، عن قول اللّه عزّ و جلّ: «فِطْرَتَ اللّه الّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها.» قال: فطرهم جميعا على التّوحيد. في تفسيره وتحليله للحديث المتعلق بالفطرة، يتبنى الإمام الخميني نهجًا شاملاً ومتعدد الأبعاد. في هذا السياق، يقدم بعض النقاط الرئيسية على النحو التالي: 1️⃣ معنى الفطرة: يقول الإمام: "اعلم أن المقصود من 'فطرة الله' التي خلق الله الناس عليها هي الحالة والهيئة التي وضع الله الخلق عليها. هذا من لوازم وجودهم ومن الأمور التي خمرت بها خميرتهم عند الخلق. الفطرة الإلهية هي من النعم الخاصة التي منحها الله للإنسان والتي قد لا توجد في الكائنات الأخرى، أو تكون موجودة بشكل ناقص." 2️⃣ وحدة الفطرة: يعتقد الإمام الخميني أن التنوع والاختلاف في الفهم والآراء لا يؤثر على صلابة وحدة الفطرة. هذا التنوع والاختلاف يحدث بعد مرحلة ثبات الفطرة. يقول في هذا السياق: "اختلاف الأفكار وضعف وقوة الإدراك لا يؤثران على الفطرة. إذا لم يكن شيء بهذه المثابة، فإنه ليس من أحكام الفطرة ويجب اعتباره خارجًا عنها. لذا، ورد في الآية الكريمة: 'فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا' أي أن هذه الأحكام لا تخص جماعة بعينها. كما جاء في الآية: 'لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ' أي لا شيء يغيرها." 3️⃣أوصاف الفطرة: من خلال كلمات الإمام حول الفطرة، يمكن استخلاص الأوصاف التالية: أ. الشمولية الوجودية: يرى الإمام الخميني أن الفطرة شاملة من حيث الوجود، حيث تشمل جميع البشر. ب. الشمولية السلوكية: يرى الإمام الخميني أن الفطرة شاملة من حيث السلوك. تعني أن سلوك الإنسان يتبع فطرته. ت. الشمولية الحقائقية: تعني أن الحقائق الأساسية التي بني الدين عليها وبينها موجودة في الفطرة. ث. المعرضية لخطر الغفلة: من الأمور المثيرة للدهشة أنه بالرغم من أن الفطرة لا يختلف عليها أحد، فإن الناس غالبًا ما يغفلون عنها ويظنون أنهم مختلفون وليسوا متحدين، إلا إذا تم تنبيههم. كما ورد في الآية الكريمة: "وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ." ج. المعرضية للخطأ في التطبيق: بسبب الخطأ في تطبيق الحقائق والأصول، يبتعد الإنسان أحيانًا عن فطرته. لذا، فإن بعض المعتقدات أو السلوكيات الخاطئة لا تعني أن صاحب هذه المعتقدات أو السلوكيات الخاطئة يفقد الفطرة، بل يعود ذلك إلى تأثير عوامل معينة تجعله في حالة غفلة أو خطأ في التطبيق.
4. الفطريات الفطرة تتضمن مجموعة من الأصول المعرفية المهمة التي تتعلق بالحقائق الأساسية جدًا في هذا العالم، كما تتضمن ميولًا واتجاهات تؤثر على سلوك الإنسان، بالإضافة إلى تضمنها إمكانيات مثل الإرادة. هذه الثلاثة مكونات متأصلة في ذات الإنسان. • الأصول المعرفية في الفطرة: فيما يلي الأصول المعرفية التي تتأسس عليها الفطرة كما يقدمها الإمام: 1. الفطرة على وجود المبدأ، التعالي والتقدس 2. الفطرة على التوحيد 3. الفطرة على استجماع الذات المقدسة لجميع الكمالات 4. الفطرة على الإيمان باليوم الآخر 5. الفطرة على النبوة 6. الفطرة على الاعتراف بوجود الملائكة، الروحانية، نزول الكتب وإعلان سبل الهداية هذه الأصول تمثل الأسس التي تبنى عليها الفطرة الإنسانية، وتعمل على توجيه الإنسان نحو الكمال الروحي والأخلاقي. • الحالات والميول الفطرية كان الإمام الخميني يعتقد بحالات الفطرة، لكنه كان يضع في الصدارة وأعلى هذه الحالات حب الكمال. كان يعتقد أن جميع الناس يحبون الكمال ويكرهون النقص والقصور. المشكلة تكمن في أننا نخطئ في تحديد مصداق الكمال، وأحيانًا نرى شيئًا ما يزيل النقص بينما في الحقيقة يزيده سوءًا. • الإمكانات الفطرية: من بين الإمكانات التي تتوفر للفطرة الإنسانية، هي الإرادة. هذه الإرادة تنشأ في نفس الإنسان وتكون مصدر الحركة. كان الإمام الخميني يعتقد أن فطرة الإنسان تمتلك القدرة على الإرادة. هذه الإرادة تعتمد على فطرة الانسان في نفسه النفس. فالنفس الإنسانية بالفطرة تستطيع أن تريد، وهذه الإرادة قائمة على هذه النفس.
💢 تحقيق الشريعة في أرض الواقع تم عقد جلسة علمية في معهد بحوث الدراسات الفقهية المعاصرة، حول موضوع "طرق تحقيق الشريعة في أرض الواقع". اليك ما طرح في الكلمة الملقاة في هذه الجلسة: ✅️ اهمية وضرورة البحث النقاش حول تحقيق الشريعة في أرض الواقع، هو بالغ الأهمية وله أبعاد واسعة، التطرق إلى هذا الموضوع مفيد جدا للحوزات العلمية ولأولئك الذين يسعون لتعريف علاقة أكثر دقة وفائدة بين الفقه والمجتمع. هذا النقاش مفتاح لكشف أبعاد غير معروفة حاليًا وغامضة. إذا تم التعرف على هذه الأبعاد، يمكنها أن تفتح مسارات وحلول جديدة. ✅️ هناك مساران: أن لتحقيق الشريعة في أرض الواقع مساران: أحدهما مسار التطبيق والآخر مسار التنزيل. في أدبيات الاجتهاد، لدينا مصطلح "تطبيق القاعدة الفقهية" لكن لا نملك مصطلح "تنزيل القاعدة". والتنزيل يختلف عن التطبيق. النقاش حول تحقيق الشريعة في أرض الواقع في الحوزات سيبدأ بشكل فني أكثر إذا تم التركيز على مصطلح التنزيل، أي السؤال عن ماهية التنزيل وكيف يختلف عن التطبيق، وهل يمكن أن يكون لدينا تنزيلات متعددة أم لا؟ لذلك، إذا وجد هذا المصطلح مكانًا في النقاش، فقد نتقدم بشكل فني أكثر وتتاح إمكانية الحوار العلمي في الحوزات. ✅️ الفرق بين تطبيق القاعدة وتنزيل القاعدة: 1. تطبيق القاعدة الفقهية: يعني استخدام القاعدة الفقهية في حالة معينة لتحديد الحكم الشرعي. يتطلب ذلك فهم موضوع القاعدة الفقهية ثم استعمالها للكشف عن حكم مسألة معينة. المنهجية: يتعلق باستخدام القاعدة كما هي في مسألة معينة دون تعديل أو تغيير، بناءً على فهم مباشر لموضوع القاعدة. المثال: قاعدة "لا ضرر ولا ضرار". إذا واجه شخص مشقة في الصيام بسبب المرض، فإن تطبيق هذه القاعدة يعني السماح له بالإفطار لتجنب الضرر الذي قد يصيبه من استمرار الصيام. في هذا السياق، يتم استخدام القاعدة كما هي لإصدار الفتوى بالحكم الشرعي الذي يتناسب مع الحالة المطروحة. 2. تنزيل القاعدة الفقهية يعني تكييف الوضع الإجرائي للقاعدة الفقهية لتناسب ظرفًا معينًا أو حالة معينة بناءً على التفاصيل والخصوصيات المرتبطة بتلك الحالة. يتطلب ذلك النظر في السياق التفصيلي وإجراء التعديلات اللازمة على الموضوع الذي نريد تطبيق القاعدة فيه، بما في ذلك استخدام الآليات الإجرائية أو المقررات اللازمة أو أي إجراءات أخرى. المنهجية: يتضمن تحليل الظروف الخاصة للحالة وتحديد مدى المشقة أو الضرر، ثم التوصل إلى حكم شرعي مناسب يتماشى مع تلك الظروف، وقد يتطلب ذلك وضع سياسات وإجراءات داخلية لتحقيق التطبيق العملي للقاعدة. المثال: إذا كان هناك موظف إداري في رمضان يؤدي عمله إلى مشقة زائدة عليه فيصبح الصيام عليه ضرريًا، فإن تنزيل هذه القاعدة يتطلب تحليل ظروف هذا العمل بالتفصيل، وتحديد مدى المشقة، والتوصل إلى حكم شرعي مناسب مثل السماح بالإفطار أو تقليل ساعات العمل أو إيجاد بدائل أخرى. مثال آخر: في المؤسسات المالية أو في العلاقات بين البائعين والزبائن، يمكن تطبيق قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" لضمان أن تعاملات هذه المؤسسات تتجنب إلحاق الضرر بالعملاء والمجتمع. هذا يتطلب وضع سياسات وإجراءات داخلية تضمن تحقيق هذه القاعدة، مثل تقديم منتجات مالية متوافقة مع الشريعة أو ضمان حقوق العملاء في حال حدوث أي نزاع. التنزيل يتضمن جلب القاعدة مع جميع الأدوات والإجراءات اللازمة لجعلها قابلة للتطبيق عمليًا، وقد يتطلب الأمر تنسيقًا بين مختلف الأطراف المعنية ووضع إطار تنظيمي يضمن التطبيق الفعلي للقاعدة. ✅️ ضرورة التنزيل: تتجلى أهمية تنزيل قواعد وأحكام الشريعة عندما ندرك أنه في حال عدم القيام بعملية التنزيل، فإن العديد من القواعد قد لا يتم تنفيذها أساساً، ولا تجد سبيلاً للتحقيق في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، في بعض الحالات، إذا لم نقم بالتنزيل (أي لم نوفر الشروط المناسبة للتنزيل)، فقد يتم تنفيذ هذه القواعد بشكل ناقص مما قد يكون ضارًا. أي مما قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالدين أو المجتمع أو كليهما. للبحث تتمة ستأتي إن شاء الله
8.87M حجم رسانه بالاست
مشاهده در ایتا
سالروز ارتحال ملکوتی « بنده صالح خدا » تسلیت باد .. akhamehyar1@
34.86M حجم رسانه بالاست
مشاهده در ایتا
💢 کارکردهای یوم الله با تمرکز بر یوم التمحیص و با نگاه به حادثه شهادت رئیس جمهور ادامه دارد
💢 التطبيق ودوره في تحقيق الشريعة: صحيح أن التنزيل هو تلك الآلية الأساسية المهمة التي تؤثر بشكل كبير في تحقيق الشريعة على أرض الواقع، حيث إنه ينطوي على تنظيم الجوانب المتعلقة بالشريعة من حيث تنفيذها وإزالة العقبات وإدارتها بطريقة معينة. ومع ذلك، هناك حالات يمكن فيها للتطبيق أن يقوم بمثل هذا العمل مباشرة. و توضیح ذلك ان التطبيق (والذي نعتبره مصطلحًا غير التنزيل) إذا تم بشكل صحيح، فهو أيضًا آلية في بعض الموارد لتحقيق الشريعة في أرض الواقع. وهذا يعني أن تحقيق الشريعة في أرض الواقع ليس بالضرورة أن يمر عبر مسار التنزيل. ففي بعض الحالات، يمكن للتطبيقات، بشرط أن تكون علمية، أن تكون فعّالة وتؤدي إلى هذا التحقيق ومنح الشريعة حضورًا معاصرًا. على سبيل المثال، لنفترض أن لدينا قاعدة فقهية تُسمى "لا ضرر". إذا اعتدنا على الاقتصار على التطبيقات التقليدية والمتكررة مئات وآلاف المرات في الأدبيات التقليدية، فلن نتمكن من إدخال "لا ضرر" في طبقات الحياة المعاصرة ومنحه بُعدًا تطبيقيًا. في الوضع الحالي دائمًا نبحث عن موقع الضرر، مثلًا حين يرتكب زيد أو عمر ضررًا تجاه شخص آخر، مثل زيد تجاه عمر. تطبيقاتنا لـ"لا ضرر" تتعلق بهذا النطاق الفردي. ولكن، إذا قمنا بتحديد المصاديق بناءً على تخصص علمي وتحديد الضرر على هذا الأساس، فقد نتمكن من استنباط تطبيقات معاصرة عملية من "لا ضرر". على سبيل المثال، إذا سُئل الفقه التقليدي عن شخص يرمي نفاياته التي تحتوي على البلاستيك في الشارع أو في البرية أو على الشاطئ، هل هذا حرام؟ من الصعب جدًا القول إنه حرام. يقول: ما الضرر في ذلك؟ البلاستيك لا يضر أو البلاستيك الواحد الذي أنا ألقيه لا يضر، لكن النظرة الحديثة تقول إن هذا الضرر أصبح عملية. الضرر ليس فرديًا بل هو عملية. عندما أرمي البلاستيك، والبلاستيك متوفر بكثرة في المجتمع، ويُشكل الثقافة بالتوافق. يراني أرميه فيرميه هو أيضًا. أنا جزء من عملية ضرر للمجتمع وللبيئة بأبعاد خطيرة. عندما تُعرف الضرر كعملية، يمكن للوجدان الإنساني الحديث أن يرى أن إلقاء البلاستيك يمكن أن يسبب ضررًا حتى لو ألقى شخص واحد فقط. هذا لأنه وفقًا لتعريف علمي، يُنظر إلى هذا الفعل كجزء من عملية تُشجع الآخرين على فعله. وبهذا الفعل، قد يدعو عشرات أو مئات الأشخاص للقيام بنفس الفعل. وعليه، بناءً على "لا ضرر"، يمكن اعتبار هذا الفعل حرامًا. بناءً على النظرة التقليدية، يعتمد التحريم على فعل فردي أو مجموعة أفراد، ولكن مع النظرة العلمية، ترتبط الضرورة بالبيئة، وتحديد الأضرار البيئية يمكن أن يكشف عن مصاديق جديدة قد لا تكون متوقعة في النظرة التقليدية. ومن هنا، تنشأ أضرار كبيرة وشاملة، تختلف عن الأضرار الفردية التي اعتدنا عليها. وحينئذٍ، لا يمكن للشريعة التي جاءت لتحقق مبدأ "لا ضرر" أن تقبل بسلوكيات تمثل عمليات مستمرة تضر بالمجتمع وتسبب مشاكل كبيرة مثل الفقر وتدهور الأرض ومشاكل المياه والتربة وغيرها...
💢 تنزيل فقه الأولويات أوضحنا أن التنزیل، بالإضافة إلى التطبيق، يُعتبر أداة مهمة لتحقيق الشريعة في أرض الواقع. ما نريد قوله الآن هو تقديم معلومات حول مصاديق ومجالات التنزيل. ✅ مصاديق التنزيل: تنزیل الشریعة يشمل عدة مصاديق: 1. تنزیل القواعد الفقهية 2. تنزيل نظام الأولويات في الشريعة 3. تنزیل الشریعة في البنية القانونية 4. تنزیل الشریعة في العمليات الاجتماعية وقد ناقشنا سابقاً تنزیل القواعد، ولذلك لن نكرره، سنتناول بقية المصاديق. ✅ تنزيل الأولويات نحن نقدم أولاً تعريف فقه الأولوية، ثم نبين ضرورته، وفي المرحلة التالية نوضح المبدء الكلامي الذي يعتمد فقه الأولويات عليه، ثم ضرورة استنباط الأولويات والترتيب، وبعده نتناول منهجة استنباط الأولويات، وأخيراً نشرح كيفية تنزیلها ومعنى هذا التنزیل. 🔸️تعريف فقه الأولويات: فقه الأولويات هو العلم الذي يُعنى باكتشاف ترتيب الأحكام الشرعية وتحديد الأولويات بينها، استنادًا إلى منهجية خاصة تركز على معايير مأخوذة من فلسفة الشريعة والنصوص الشرعية التي تتضمن رؤية مراتب الأحكام ومعايير أخرى. يهدف فقه الأولويات إلى فهم العلاقة بين الأحكام الشرعية وتحديد أيّها يُقدّم على غيرها في التطبيق العملي. بعبارة أخرى، يشير فقه الأولويات إلى أن القيم أو الواجبات أو الأحكام الشرعية تختلف في أهميتها، ولا يمكن اعتبار جميع هذه الأمور متساوية؛ بل هناك ترتيب وضعه الشارع بناءً على فلسفة وجودية لكل حكم، وفقه الأولويات يسعى لتحديد وتعيين هذا الترتيب من الناحية الفقهية. 🔸️ أهمية فقه الأولويات: إنّ فقه الأولويات ضرورة ملحّة في تنزيل الشريعة في الحياة المعاصرة، فهو يُساعدنا على فهم الأحكام الشرعية وتطبيقها بالشكل الأمثل وكما أراده الشارع. تتضح هذه الأهمية والضرورة مما يلي: 1. تجسيد الحكمة الإلهية: ترتيب الأحكام الشرعية يُجسد حكمة الله تعالى في تشريعه، فلا يُمكن معادلة ضرب اليتيم بضرب غير اليتيم. 2. تحقيق فلسفة الأحكام: يُحقق فقه الأولويات فلسفة الأحكام بما فيها العدل والمساواة وتعزيز التماسك المجتمعي. 3. ضمان تحقق وفعالية الأحكام: يعزّز فقه الأولويات العلاقة الهرمية بين الأحكام الشرعية، ممّا يُتيح تحقيق بعض الأحكام على نحو أفضل من غيرها. فعند تطبيق الأحكام وفقًا لأولوياتها، تُصبح عملية التحقيق أكثر سلاسة ونجاعة، وذلك لأنّ الأولوية تُمهّد الطريق لتحقيق ما يليها. 4. الالتزام بفقه الأولويات: ضروري لضمان تطبيق الشريعة الإسلامية بشكل صحيح وتحقيق أهدافها السامية. من خلال ما سبق يتضح أنه بإهمال فقه الأولويات وعدم مراعاة الترتيب بين الأحكام، نُواجه مخاطر كبيرة في تطبيق الشريعة عمليًا. وتشمل هذه المخاطر ما يلي: 1. ضياع فوائد الأحكام وفلسفتها: فكل حكم شرعي له فلسفة وجودية وهدف محدد. إهمال ترتيب الأحكام قد يُؤدي إلى إهمال بعض الأحكام الأساسية، ممّا يُفقدنا فوائدها وفلسفتها. 2. تعطيل تطبيق الأحكام: بعض الأحكام تُكمّل بعضها البعض، وترتيبها يحدد آلية تطبيقها، وإهمال هذا الترتيب قد يُؤدي إلى تعطيل تنزيل الشريعة. 3. عدم تحقيق بعض الأحكام: بعض الأحكام تُشكل أساسًا لتحقيق أحكام أخرى، وإهمال ترتيبها قد يُؤدي إلى عدم القدرة على تحقيق الأحكام التي تعتمد عليها. 4. زعزعة ثقة الناس بالشريعة: قد يُؤدي سوء تطبيق الأحكام بسبب إهمال فقه الأولويات إلى زعزعة ثقة الناس بالشريعة الإسلامية. 🔸️ الحكمة كمبدأ كلامي يعتمد عليه فقه الأولويات: يعتمد فقه الأولويات في كيانه على الفكرة الأساسية القائلة بأن الأحكام الشرعية ليست متساوية في الأهمية والتأثير، بل تعتمد على حكمة إلهية وتوافقها مع السنن الالهية السائدة على المجتمع . تحديد الأحكام الأساسية والبنيوية يسهم في تهيئة البيئة اللازمة لتطبيق الأحكام الأخرى، وعدم تقدير هذه الأولويات يؤدي إلى تشويه تطبيق الشريعة. فإذا تم تطبيق الأحكام ذات الأولوية بشكل صحيح، فإنها تهيئ المجال لتطبيق الأحكام الأخرى تحت ظلها وبفضل تأثيرها الاجتماعي. أما إذا تم عكس المعادلة ووضع حكم غير أولي في مرتبة الأولوية، وتخفيض الحكم الأولي إلى مرتبة أدنى، فسوف يتضرر كلا الحكمين. الحكم غير الأولى يحتاج إلى أرضية وبنية يُفترض أن يُهيئها الحكم الأولى، وبالتالي، إذا لم يتم وضع الحكم الأولى في مكانه الصحيح، فلن تتحقق هذه الأرضية. حتى الحكم غير الأولى، الذي أصبح أوليًا عمليًا، لن يتحقق بشكل صحيح. لذلك، لا يمكن القول بأن الله تعالى جعل جميع أحكامه متساوية دون نظام وأولوية. ✅ ضرورة استنباط الأولويات والترتيب إذا قبلنا أن الأولوية بين الأحكام قائمة، فيجب علينا أن نستنبط هذه الأولوية ونظامها من الشريعة. الفقهاء ليسوا مجرد مستنبطين لمفردات الأحكام بمعنى أن يقولوا هذا هو حلال وذاك هو حرام.