باسمه تبارک و تعالی
«کلام الی اخواننا فی لبنان»
🔹سمعت من بعض الفضلاء أنّه حضر لبنان بعد اغتیال القائد الشهید سماحة السید حسن نصر الله فاذا بیروت غیر بیروت و الضاحیة غیر الضاحیة و الناس غیر النّاس فکأنّهم سکاری و ما هم بسکاری فهم بین باکٍ و ساکت و مسترجع و جالس حزین متفکّر کأنّهم لم یمکنهم هضم شهادة السیّد القائد فکأنّهم بعده صاروا یتامی یضحک منهم الاعداء و لا یدرون ما یفعلون و الی ما یصیرون.
🔸و قد قال هذا الفاضل إنّه سمع منهم أنّهم یتداولون بینهم فی مقام التسلیة کلاما و هو أنّ السیّد سیرجع الی الدّنیا عند الرجعة مع الامام القائم عجّل الله تعالی فرجه الشریف و لقد افظعنی سماع هذه الحالات الشدیدة من اخواننا المؤمنین و خفت من اللعین الرجیم القاء الشبهة المظلمة فی قلوب ایتام آل محمّد صلی الله علیه و آله فأقول للإخوان إن وصل الیهم هذا البیان:
🔹أما سمعتم قول الله عزّوجل: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ» أما سمعتم قوله تعالی: «أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبينَ»؛ أما سمعتم قوله تعالی: «وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِين»
🔸أ زعمتم أنّ السیّد مات و فات کلّا والله بل التحق بالملأ الاعلی فرحا بما آتاه الله من فضله قائلا: «يا لَيْتَ قَوْمي يَعْلَمُونَ * بِما غَفَرَ لي رَبِّي وَ جَعَلَني مِنَ الْمُكْرَمينَ» و کأنّی به و هو یقول تزوّدوا یا إخوان فإنّ خیر الزاد التقوی و قاتلوا اولیاء الشیطان يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَ يُخْزِهِمْ وَ يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِين.
🔹واعلموا یا إخوان أنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَكُمْ بِدَارٍ وَ لَا قَرَارٍ إِنَّمَا أَنْتُمْ فِيهَا كَرَكْبٍ عَرَّسُوا فَأَنَاخُوا ثُمَّ اسْتَقَلُّوا فَغَدَوْا وَ رَاحُوا فالخبر کلّ الخبر و النبأ العظیم یکون من بعد هذه الدار فإنّ حکم هذه الدار الابتلاء و الاختبار و حکم الآخرة التمحیص و القرار فالدنیا لم توضع لأن تکون آخرة بل الدنیا هی الدنیا موضع حرب دائم بین جنود العقل و النور و جنود الجهل و الظلمة ليَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبينَ الی أن قام قائم اهل البیت عجّل الله تعالی فرجه الشریف.
🔸واعلموا یا إخوان أنّ الدار الآخرة لهی الحیوان فلا يَغُرَّنَّكم تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهاد و قد یخیّل جنود الجهل فی اذهاننا أنّ النبأ العظیم هنا فنتوقّع الوصول الی ما نراه من النتیجة الصالحة العادلة فی هذه الدار فحین نری شهادة من استشهد من شهدائنا لم یلائم ما ننتظر من هذا الظفر فی العالم الدنیا نواجه الشبهة غافلا أنّ الدنیا لیست هی الآخرة و الآخرة دار واسعة کبیرة جدّا لیست الدنیا بالقیاس الیها شیئا مذکورا فامثال السیّد الشهید من سلاطین دار الآخرة و لهم دور کبیر فی ذلک العالم و هو الاصل لا هذا المنزل الضیق المظلم الفانی.
🔹و قد نتوهّم جهلا أنّ من مات سعیدا فهو بعدُ ینظر الی الدنیا نظر الواله المشتاق الیها و هذا لجهلنا من فناء هذه الدار و بقاء الآخرة فکأنّا جعلنا الدنیا هی دار القرار فحاولنا تسکین نفوسنا بأنّ شهدائنا مشغولون بعد الشهادة ایضا بأخبار دنیانا و ینتظرون الرجعة الیها فالرجعة عقیدة حقة و لکنّها لیست وسیلة لتوجیة اصالة الدنیا فی نظرنا بل له شأن آخر و الدنیا من اظلم العوالم و انزلها رتبة وَ مِنْ هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَى اللَّهِ أَنَّ رَأْسَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا أُهْدِيَ إِلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيل.
🔸واعلموا یا إخوان أنّ السیّد الشهید فاز سعیدا و الله لَا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا و إنّا مأمورون بالتکلیف و هو الجهاد حتّی الشهادة لا بالنتیجة أی الظفر الدنیوی فنحن نتربّص إحدی الحسنیین و العاقبة لنا و نحن بحمد الله علی بصیرة من أمر دیننا و لسنا فی دفاع الحقّ و الحقیقة فی أیّ ریب و شبهة «فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَ مَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً»