‏ 3 تدوين السيرة النبويّة و تأريخ الإسلام: و لم يدوّن‏ في تأريخ الإسلام أو في سيرته صلّى اللّه عليه و آله شي‏ء، حتّى مضت أيام الخلفاء، لم يدوّن في هذه المدّة شي‏ء سوى القرآن الكريم و تقويم إعرابه بمبادئ و قواعد النّحو على يد أبي الأسود الدؤلي بإملاء أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السّلام، و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحفّز المسلمين على كتابة القرآن حرصا على حفظه و صيانته، كما إنّ تفشي العجمة على ألسنة أبناء العرب على أثر اختلاطهم بغيرهم عند اتساع الرّقعة الإسلامية دفعت أبا الأسود الدؤلي إلى عرض ذلك على علي عليه السّلام فكان ذلك حافزا على تدوين النحو. و بهذا الاختلاط أيضا تفشّت فيهم أخبار الماضين من ملوك الفرس و بني إسرائيل، فلمّا كانت أيام معاوية أحبّ أن يدوّن في التأريخ القديم كتاب فاستقدم عبيد بن شرية من صنعاء اليمن فكتب له كتاب أخبار الماضين من ملوك اليمن من العرب البائدة و غيرهم و منهم الفرس و الحبشة. و قد كان المسلمون يحبّون أن يخلّدوا آثار ما يتعلق بسيرة الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و قد كان هذا يحقّق ما في نفوسهم من تعلّق به- عليه الصلاة و السلام-، و لكنّهم- ببالغ الأسف- منعوا عن تدوين أحاديثه مخافة أن يختلط الحديث بالقرآن الكريم- كما زعموا-، بل منعوا حتّى عن التحديث بحديثه، حاشا أمير المؤمنين عليا عليه السّلام، فإنّه لم يشارك في هذا المنع و لم يؤيّده، بل كما أملى النحو على كاتبه أبي الأسود الدؤلي كتب هو أيضا بعض الكتب في الفقه و الحديث، و أمر كاتبه الراتب عبيد اللّه بن أبي رافع أن يكتب المهمّ من أقضيته، و أحكامه في فنون الفقه من الوضوء و الصلاة و سائر الأبواب ( انظر رجال النجاشي: 4- 7، ط. النشر الإسلامي.) و بهذا الموقف من أمير المؤمنين عليه السّلام، و بفعل حاجة المسلمين إلى أحاديث نبيّهم ظهر فيهم غير واحد من حملة الأحاديث العلماء الفقهاء، و لكن حيث استمر هذا المنع رسميّا من قبل الخلفاء بعد علي و ابنه الحسن عليهما السّلام إلى أيام عمر بن عبد العزيز، قام رجال كلّهم محدّثون. لم‏ يدوّنوا في الحديث و الفقه شيئا، و لكنّهم عوّضوا عن كتابة أحاديثه بكتابة شي‏ء من سيرته صلّى اللّه عليه و آله. ،ج‏1،ص:15-16 ┄┅═══••✾❀✾••═══┅┄ @Yusufi_Gharawi