💥 نظرية الخطابات القانونية؛ شرح وتحليل
[الكلمة الملقاة في الجلسة العلمية بعنوان "الخطابات القانونية: فكر الإمام الخميني"]
•┈┈••✾••┈┈•
تتضمن نظرية الامام الخميني نقاطا مهمة هي كالآتي:
١. يندرج موضوع الخطابات القانونية تحت عنوان لسان التشريع الديني. ومن هنا تكتسب دراسة الخطابات القانونية أهمية بالغة، ممّا يدعو إلى تأسيس علم مستقل يُسمى "علم لسان الشارع"، وهو علم إذا تم تأسيسه فهو يهتم بدراسة لغة الخطاب المستخدمة في التشريع الديني ونصوصه.
وعلى أي حال، فإنّ موضوع الخطابات القانونية يهتم بدراسة كيفية صياغة النصوص القانونية في الشريعة.
٢. استخدم الشارع ثلاث لغات في تشريعه: لغة المحاورة، ولغة الاعتبارات، ولغة الخطاب القانوني. ولكلّ لغة خصائصها واستخداماتها.
٣. بناء على الفكرة القائلة بأن اللغة المستخدمة في النصوص التشريعية الدينية هي لغة المحاورة الجارية بين الناس، ينبغي تبني القواعد الأصولية المتعلقة بالألفاظ في استنباط الأحكام من النصوص التشريعية، مثل حجية ظهـور الكلام، وقاعدة العموم، وقاعدة الإطلاق وما إلى ذلك.
وتستند هذه القواعد كلها إلى فرضية أساسية مفادها أنّ لغة الشريعة هي لغة الحوار المُستخدمة بين الناس، ممّا يوجب الرجوع إلى تلك القواعد عند تفسير النصوص التشريعية.
٤. بناءً على تبني مبدأ أن لغة الاعتبارات العقلانية هي اللغة المعتمدة في الشريعة الإسلامية، يصبح من غير المقبول مطلقًا استخدام قواعد اكتشاف الحقائق لفهم ماهية الاعتبارات وكشفها. فتنص نظرية الاعتبارات على أن الاعتبارات ظاهرة ذهنية ذات طبقات متراكبة تُشكّل واقعها الارتكازات العقلائية.
هذه الاعتبارات تكوّن لغة خاصة بالعقلاء في مختلف مجالات علاقاتهم ببعضهم البعض، يممن تسميتها بلغة الاعتبارات.
٥. بناء على قبول القول بأن "اللغة القانونية هي لغة الخطابات الشرعية"، فلا يجوز بأي حال تفكيك النص الشرعي وتحليله إلى عدد المكلفين، كما فعل بعض الأصوليين مؤسسين على ذلك قواعد أصولية. بل على غرار أسلوب التقنين البشري، لم ينظر المُقنّن في الشريعة إلى أوضاع كل فرد على حدة عند عملية التقنين، بل نظر إلى القانون (الحكم) ذاته على المستوى الكلي، وعلى وضعه من حيث التنفيذ أو الملاءمة.
٦. تقسم نظرية الخطابات القانونية للإمام الخميني مسار التشريع الإسلامي إلى ثلاث مراحل رئيسية لكل خطاب في الشريعة، وهي:
أ) مرحلة التقنين.
تتعلق بهذه المرحلة مراحل أربعة وهي التي يتكوّن بها الخطاب القانوني نفسه:
1. تصور القانون.
2. التصديق بفائدته.
3. الانشاء؛ أي: اعتباره
4. فعلیة الخطاب. للإمام الخميني رؤية مميزة حول فعلية الحكم. فهو يعتقد أنّ المقنن، بعد مرحلة الإنشاء، يهتم بمدى قابلية القانون للتنفيذ على أرض الواقع، ففعلية الحكم في رأيه مرحلة تتعلق بعملية التقنين نفسه، فهي متقدمة على الباعثية التي هي خارجة عن عملية التقنين في نظره، كما سيأتي.
ب) مرحلة الباعثية:
تُعرّف مرحلة الباعثية في نظرية الخطابات القانونية للإمام الخميني بأنها المرحلة التي يتم فيها تفعيل النص التشريعي وجعله حافزًا للناس على اتباعه.
ويفسر الإمام الخميني هذه المرحلة بشكل مغاير عن المفهوم السائد، حيث يرى أن الأوامر والنواهي الواردة في النصوص الشرعية لا تُعدّ باعثة على الفعل أو زاجرة عنه بذاتها، حتى إذا كان المكلف على علم بها.
ولذلك لا تعدّ الباعثية مرحلة من مراحل التقنين نفسه، بل هي تأتي بعد انتهاء عملية التقنين.
يعتقد الإمام الخميني أن الدافع الحقيقي للفعل أو الامتناع عن الفعل إنما ينبع من مبادئ أخرى موجودة في نفس المكلف.
بحسب نظره أن مرحلة الباعثية هي مرحلة نفسية بحتة، لا تتعلق بالنص التشريعي ذاته، بل تتعلق بالمبادئ الموجودة في نفس المكلف.
بناء على هذه الرؤية، تنبثق بعض الأفكار الأصولية التي لا ندخل في شرحها هنا بل موكول ذكرها وشرحها الى علم الأصول.
ج) مرحلة إجراء القانون:
هي المرحلة التي يتم فيها تطبيق النص التشريعي على الواقع العملي. وتتميز هذه المرحلة بوجود قواعد خاصة لمعرفة كيفية تطبيق النص على الحالات المختلفة وفهم استثناءاته.
و شرح كل هذه المراحل وآثارها موكول إلى علم الأصول.
٧. إذا ثبتت صحة هذه النظرية وتماسكها، فسيكون لها انعكاسات عميقة على كل من علم الأصول والفقه الإسلامي.