💠 الأصول والهيرمنوطيقا (٢)
🔹️هناك عدة أنواع من الهيرمنوطيقا، اثنان منها مهمان للغاية، أحدهما هو الهيرمنوطيقا لشلايرماخر ودلتاي، والآخر هو الهيرمنوطيقا الفلسفية التی لهايدجر وجادامر.
الهيرمنوطيقا التي قدمها شلايرماخر ودلتاي، كانت ذات طبيعة منهجية، لكن ما حدث لاحقًا، وقدّمه هايدجر وجادامر، واقعه محاولة معرفة وجود الفهم، لا محاولة منح المنهجية.
فهو "التأويل الموجه الى الفهم"، لا "التأويل الذي يوجهه الفهم الى النص".
بتعبير آخر، الهيرمنوطيقا الفلسفية هي معرفة الوجود؛ أي: معرفة وجود الفهم، وليست منهجية لفهم النص.
🔹️نعم، إذا جئنا وركزنا على التعرف على المنهجية التي استخدمها هايدجر وجادامر في تنظيرهما حول الهيرمنوطيقا، فإن دراستنا هذه، تأخذ طابع "دراسة منهجية للهيرمنوطيقا التي هي غير منهجية"، ولكن هذا شيء آخر، غير الهيرمنوطيقا نفسها.
🔹️المقارنة التي نقصد إجراءها في بحثنا، هي بين الأصول والهيرمنوطيقا الفلسفية التي يقود فكرتها هايدجر وجادامر،
اذ هي الأكثر نشاطًا اليوم، لا التي لشلايرماخر ودلتاي.
🔹️ ولعل قائلا يقول: إن المقارنة بين الأصول وهيرمنوطيقا شلايرماخر ودلتاي أكثر ضرورة ، إذ هي منهجية، والأصول أيضا علم يعطى المنهجية، وإجراء المقارنة بين علمين، كلاهما منهجيان، هي أكثر ملاءمة وأكثر فائدة.
والجواب أنه صحيح أن الهيرمينوطيقا الفلسفية التي لهايدجر وجادامر ليست ذات طابع منهجي، ولكن نتيجتها تجعل علم الأصول يواجه تحديا منهجيا، اي التحدي في القيام بمهمته في إعطاء المنهجية للفقه؛ حيث إن الفهم الذي يريد علماء الأصول إرساله إلى النص من أجل الاستنباط منه، فإن هذا الفهم وفقًا للهيرمينوطيقا لا يعمل أساسًا من أجل الاكتشاف، بل يتمثل دوره في إعطاء الهوية والمعنى للنص، وعليه فإن علم الأصول الذي فلسفته الوجودية تعتمد على قضية أن النص قابل للاكتشاف، يواجه بسبب الهيرمنوطيقا تحديا كبيرا.
وبناءً على ذلك، فمن الضروري إجراء المقارنة بين هذين العلمين، للتخلص من الغموض الذي لدينا حول العلاقة بينهما، ولتمييز حدود كل منهما عن الآخر.
بالطبع، بسبب إجراء مثل هذه المناقشة والمقارنة، سيتم إعداد الأرضية لنا لمعرفة مجالات المعرفة التي يجب فتحها، ومعرفة كيفية تعزيز منهجية الاجتهاد.
🔹️نعم، هناك ضرورة لتوجيه النقد والدراسة يجب أن نوجههما الى الهيرمنوطيقا الفلسفية، وهذا يتطلب مجالًا آخر.
@manhajah