💠 «نعیم بن مسعود»های امروز را میشناسیم؟
▪️جنگ «بدر الموعد» و عبرت های آن
لمّا أراد أبو سفيان أن ينصرف يوم أحد نادى: موعد بيننا و بينكم بدر الصّفراء رأس الحول، نلتقي فيه فنقتتل. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لعمر بن الخطّاب رضى اللّه عنه: قل نعم إن شاء اللّه...
فلمّا دنا الموعد كره أبو سفيان الخروج إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و جعل يحبّ أن يقيم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه بالمدينة و لا يوافقون الموعد. فكان كل من ورد عليه مكّة يريد المدينة أظهر له: إنا نريد أن نغزو محمّدا فى جمع كثيف.
فيقدم القادم على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيراهم على تجهّز فيقول: تركت أبا سفيان قد جمع الجموع، و سار فى العرب ليسير إليكم لموعدكم. فيكره ذلك المسلمون و يهيّبهم ذلك.
و يقدم نعيم بن مسعود الأشجعى مكّة، فجاءه أبو سفيان بن حرب فى رجال من قريش فقال: يا نعيم، إنى وعدت محمّدا و أصحابه يوم أحد أن نلتقي نحن و هو ببدر الصّفراء على رأس الحول، و قد جاء ذلك. فقال نعيم: ما أقدمنى إلاّ ما رأيت محمّدا و أصحابه يصنعون من إعداد السلاح و الكراع، و قد تجلّب إليه حلفاء الأوس من بلىّ و جهينة و غيرهم، فتركت المدينة أمس و هي كالرّمّانة. فقال أبو سفيان: أحقّا ما تقول؟ قال: إى و اللّه...
أنا أكره أن يخرج محمّد و أصحابه و لا أخرج فيجترئون علينا و يكون الخلف من قبلهم أحبّ إلىّ...
قال: نعم، تركت أبا سفيان قد جمع الجموع و أجلب معه العرب، فهو جاء فيما لا قبل لكم به، فأقيموا و لا تخرجوا فإنهم قد أتوكم فى داركم و قراركم، فلن يفلت منكم إلاّ الشريد، و قتلت سراتكم و أصاب محمّدا فى نفسه ما أصابه من الجراح. فتريدون أن تخرجوا إليهم فتلقوهم فى موضع من الأرض؟ بئس الرأى رأيتم لأنفسكم - و هو موسم يجتمع فيه الناس - و اللّه ما أرى أن يفلت منكم أحد!
و جعل يطوف بهذا القول فى أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حتى رعّبهم و كرّه إليهم الخروج، حتى نطقوا بتصديق قول نعيم، أو من نطق منهم. و استبشر بذلك المنافقون و اليهود و قالوا: محمّد لا يفلت من هذا الجمع! و احتمل الشيطان أولياءه من الناس لخوف المسلمين، حتى بلغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ذلك، و تظاهرت به الأخبار عنده، حتى خاف رسول اللّه ألاّ يخرج معه أحد...
قال: و الذي نفسي بيده، لأخرجنّ و إن لم يخرج معى أحد!
... فحدّثت عن يزيد، عن خصيفة، قال: كان عثمان بن عفّان رحمه اللّه يقول: لقد رأيتنا و قد قذف الرعب فى قلوبنا، فما أرى أحدا له نيّة فى الخروج، حتى أنهج اللّه تعالى للمسلمين بصائرهم، و أذهب عنهم تخويف الشيطان. فخرجوا فلقد خرجت ببضاعة إلى موسم بدر...
ثم إنّ أبا سفيان قال: يا معشر قريش، قد بعثنا نعيم بن مسعود لأن يخذّل أصحاب محمّد عن الخروج و هو جاهد، و لكن نخرج نحن فنسير ليلة أو ليلتين ثم نرجع، فإن كان محمّد لم يخرج بلغه أنّا خرجنا فرجعنا لأنه لم يخرج، فيكون هذا لنا عليه، و إن كان خرج أظهرنا أنّ هذا عام جدب و لا يصلحنا إلاّ عام عشب. قالوا: نعم ما رأيت...
فقال صفوان بن أميّة لأبى سفيان: قد و اللّه نهيتك يومئذ أن تعد القوم، و قد اجترأوا علينا و رأوا أن قد أخلفناهم، و إنما خلّفنا الضعف عنهم. فأخذوا فى الكيد و النفقة فى قتال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و استجلبوا من حولهم من العرب، و جمعوا الأموال العظام، و ضربوا البعث على أهل مكّة، فلم يترك أحد منهم إلاّ أن يأتى بما قلّ أو كثر، فلم يقبل من أحد منهم أقلّ من أوقيّة لغزوة الخندق.
📚 المغازی، واقدی، ص384