قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُمِّيُّ فِي كِتَابِ زُهْدِ النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، حَدَّثَنَا الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ:حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ، حَدَّثَنَا عِصْمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ يُوسُفَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: جَاءَ جَبْرَئِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي سَاعَةٍ مَا كَانَ يَأْتِيهِ فِيهَا، فَجَاءَهُ عِنْدَ الزَّوَالِ وَ هُوَ مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ، وَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَسْمَعُ حِسَّهُ وَ جِرْسَهُ، فَلَمْ يَسْمَعْهُ يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: «يَا جَبْرَئِيلُ مَا لِي أَرَاكَ جِئْتَنِي فِي سَاعَةٍ مَا كُنْتَ تَجِيئُنِي فِيهَا، وَ أَرَى لَوْنَكَ مُتَغَيِّراً، وَ كُنْتُ أَسْمَعُ حِسَّكَ وَ جِرْسَكَ وَ لَمْ أَسْمَعْهُ الْيَوْمَ»؟ فَقَالَ: «إِنِّي جِئْتُ حِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِمَنَافِخِ النَّارِ فَوُضِعَتْ عَلَى النَّارِ، وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا سَمِعْتُ مُنْذُ خُلِقت النَّار» قَالَ: «يَا جَبْرَئِيلُ (أَخْبِرْنِي) عَنِ النَّارِ وَ خَوِّفْنِي بِهَا». فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ النَّارَ حِينَ خَلَقَهَا فَأَبْرَأَهَا فَأَوْقَدَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ، فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ لَا يُضِيءُ (جَمْرُهَا وَ لَا يَنْطَفِي لَهَبُهَا) . وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً، لَوْ أَنَّ مِثْلَ خَرْقِ الْإِبْرَةِ خَرَجَ مِنْهَا عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَاحْتَرَقُوا من عَنْ آخِرِهِمْ، وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أُدْخِلَ جَهَنَّمَ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهَا لَمَاتَ أَهْلُ الْأَرْضِ جَمِيعاً حِينَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ لِمَا يَرَوْنَ بِهِ، وَ لَوْ أَنَّ ذِرَاعاً مِنَ السِّلْسِلَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وُضِعَتْ عَلَى جَمِيعِ جِبَالِ الدُّنْيَا لَذَابَتْ مِنْ عِنْدِ آخِرِهَا حَتَّى تَبْلُغَ الْأَرْضَ ثُمَّ مَا اسْتَقَلَّتْ أَبَداً، وَ لَوْ أَنَّ بَعْضَ خُزَّانِ جَهَنَّمَ التِّسْعَةَ عَشَرَ نَظَرَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْأَرْضِ لَمَاتُوا حِينَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ مِنْ تَشَوُّهِ خَلْقِهِ، وَ لَوْ أَنَّ ثَوْباً مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ جَهَنَّمَ عُلِّقَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ لَمَاتَ أَهْلُ الْأَرْضِ مِنْ نَتْنِ رِيحِهِ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: «حَسْبُكَ يَا جَبْرَئِيلُ، لَا أَتَصَدَّعُ فَأَمُوتُ» وَ أَكَبَّ وَ أَطْرَقَ يَبْكِي. فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: «لِمَا ذَا تَبْكِي وَ أَنْتَ مِنَ اللَّهِ بِالْمَكَانِ الَّذِي أَنْتَ بِهِ؟». قَالَ: «وَ مَا مَنَعَنِي أَلَّا أَبْكِيَ وَ أَنَا أَحَقُّ بِالْبُكَاءِ، أَخَافُ أَلَّا أَكُونَ عَلَى الْحَالِ الَّتِي أَصْبَحْتُ عَلَيْهَا». فَلَمْ يَزَالا يَبْكِيَانِ حَتَّى نَادَاهُمَا مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ: «يَا جَبْرَئِيلُ وَ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ آمَنَكُمَا مِنْ أَنْ تَعْصِيَا فَيُعَذِّبَكُمَا» 📚الدروع الواقية، ص272-273 @Yekaye