#إفـادة_مـصـريـة
الفرق بين قول المتكلمين وقول النظام في تركب الجسم هو أن المتكلمين قالوا –بالدلالة المطابقية– بتركب الجسم من أجزاء لا تتجزأ متناهية موجودة بالفعل، والنظام قال –بالدلالة الالتزامية– بتركب الجسم من أجزاء لا تتجزأ غير متناهية موجودة بالفعل.
قال المحقق الطوسي: " قيل: وقد تناظر الفريقان، فلمَّا ألزم أصحابُ المذهب الأول [أي مذهب المتكلمين] أصحابَ المذهب الثاني [أي مذهب النظام] وجوبَ وقوع قطع مسافة محدودة في زمانٍ غير متناه، ارتكبوا [المذهب الثاني] القول بالطفرة. "
يعني بناءً على مذهب النظام من القول بتركب الجسم من أجزاء لا تتجزأ غير متناهية موجودة بالفعل يلزم أن يكون في المسافة بين النقطة أ والنقطة ب أجزاء غير متناهية بالفعل، فحتى تَقطع من أ إلى ب لا بد أن تطوي أجزاء غير متناهية بالفعل، وطوي الأجزاء غير المتناهية بالفعل إنما يكون في زمان غير متناه، فيلزم أن يكون قطع المسافة بين أ وب –التي هي مسافة محدودة، ولتكن مترًا– في زمان غير متناهٍ، وهذا خلاف الواقع والبداهة.
أجاب النظام: بأن قطع المسافة –المحدودة من أ إلى ب– يكون بالطفرة، أي بدون أن يطوي كل الأجزاء غير المتناهية، أي بدون أن يمر على كل الأجزاء غير المتناهية، فمثلًا يكون الجسم في الجزء الذي لا يتجزأ 1، ثم يطفر إلى الجزء الذي لا يتجزأ 3 بدون أن يطوي الجزء الذي لا يتجزأ 2، فالجسم يطفر من جزء لا يتجزأ إلى جزء لا يتجزأ آخر بدون أن يمر على الجزء الذي لا يتجزأ الوسطاني وهكذا، فالجسم كأنه يوجد ويعدم لا أنه يوجد ويعدم.
يعني أن مدار الإشكال على أن الجسم يمر على كل الأجزاء التي لا تتجزأ، ثم بضم أن كل الأجزاء التي لا تتجزأ غير متناهية بالفعل، يلزم أن الجسم يمر على غير المتناهي بالفعل، والنظام سلِّم الكبرى ومنع الصغرى، فقال بأن الجسم يمر على بعض الأجزاء التي لا تتجزأ لا على كل الأجزاء التي لا تتجزأ، والحال أن البعض متناهٍ لا غير متناه حتى يلزم قطع غير المتناهي، فيتحصَّل أن الجسم يقطع بعضًا من الأجزاء التي لا تتجزأ، ثم بضم أن كل بعضٍ من الأجزاء التي لا تتجزأ متناه، يلزم أن الجسم يقطع المتناهي، ثم لمَّا بقي بيان كيفية هذا القطع، قال بالطفرة.
وردَّ: بأن هذا ظاهر البطلان وخلاف الوجدان؛ ولذا ترك الشارح المحقق بيان فساده.
قال المحقق الطوسي: " ولمَّا ألزم هؤلاء [أي أصحاب مذهب النظام] أصحابَ المذهب الأول [أي مذهب المتكلمين] تجزئةَ الجزء القريب من مركز الرحى [أي المحيط الداخلي] عند حركة الجزء البعيد [أي المحيط الخارجي]، وقَطْعَه مسافة مساوية لجزء واحد [أي جزء لا يتجزأ]؛ لكون القريب أبطأ منه [أي إذا كان المحيط الخارجي يقطع جزءًا واحدًا، فلا بد أن يقطع المحيط الداخلي أقل من ذلك الجزء الواحد]، ارتكبوا [المذهب الأول] القول بسكون البطيء في بعض أزمنة حركة السريع، ولزمهم من ذلك القولُ بانفكاك الرحى عند الحركة.
فاستمر التشنيع بين الفريقين بـ «الطفرة» و «تفكك الرحى» على ما هو المشهور. "
يعني في الرحى هناك محيطان: محيط داخلي قريب من المركز، ومحيط خارجي بعيد عن المركز، ولا شك أن المحيط الخارجي –وليكن أ– يقطع مسافة أكبر من المحيط الداخلي –وليكن ب– في الزمان الواحد، مثلًا في ساعة، المحيط أ يقطع خمسة أمتار، والمحيط ب يقطع ثلاثة أمتار، فلو فرضنا أن المحيط الخارجي أ قطع مسافة بمقدار جزء لا يتجزأ في زمان ج، للزم أن المحيط الداخلي ب قطع مسافة بمقدار أقل من جزء لا يتجزأ في زمان ج، فيلزم أن يكون هناك شيء أصغر وأقل من الجزء الذي لا يتجزأ، فيلزم أن الجزء الذي لا يتجزأ يتجزأ، هذا خلف.
أجاب المتكلمون: بأن المحيط الخارجي أ إذا تحرّك بمقدار جزء لا يتجزأ، فالمحيط الداخلي ب يتحرّك بمقدار جزء لا يتجزأ، لكن يسكن المحيط ب، ثم يتحرك المحيط أ مرة أخرى، فيكون مقطوع المحيط أ أكبر من مقطوع المحيط ب.
وردَّ: بأن اللازم من هذا هو تفكك الرحى؛ إذ حال سكون المحيط الداخلي ب وحركة المحيط الخارجي أ، فقد افترق المحيط الخارجي عن المحيط الداخلي، فقد تفكك الرحى.
#إفـادة_مـصـريـة
معنى العبارة: أن الجسم المفرد كما هو بالحس متصل ليس بمنقسم، كذلك البرهان أثبت أن الجسم المفرد متصل ليس بمنفصل في نفس الأمر.
هذا، وعند القدماء مصداق الجسم المفرد هي العناصر الأربعة: التراب والماء والهواء والنار، وهي البسائط التي تتركب منها المركبات المسمَّاة بالمواليد الثلاثة: المعدن والنبات والحيوان، ولمَّا كان مصداق الجسم المفرد العناصر الأربعة، حكموا بعدم انقسام العناصر الأربعة، لأن: كل من التراب والماء والهواء والنار جسم مفرد، وكل جسم مفرد لا ينقسم، فكل من التراب والماء والهواء والنار لا ينقسم.
[هل أبطل المحدثون كون الجسم المفرد لا ينقسم أم كون مصداق الجسم المفرد لا ينقسم؟]
" اعلم أن إبطال المحدثين لمذهب القدماء ليس هو من جهة الكبرى، أي القضية الكلية الحقيقية: «كل جسم مفرد لا ينقسم»، بل هذا ما قام عليه البرهان، وما قام عليه البرهان لا يمكن أن يُرد بالتجربة، بل إبطال المحدثين لمذهب القدماء هو من جهة الصغرى، أي القضية الخارجية: «كل من التراب والماء والهواء والنار جسم مفرد»، أي أن مصاديق الجسم المفرد ما هي؟ قال القدماء: هي العناصر الأربعة، هذا الذي أبطله المحدثون، فالخلاف في تعيين مصداق الجسم المفرد، مثلًا القدماء ذهبوا إلى أن مصداق الجسم المفرد الذي هو لا ينقسم هو الماء، فجاء المحدثون وأثبتوا أن الماء ينقسم، حيث أثبتوا أن الماء مركب من جزئيات، والجزئيات مركبة من ذرات، والذرات مركبة من إلكترونات وبروتونات إلخ، فالخطأ عند القدماء هو خطأ مصداقي لا خطأ كلي، فما توهّمه القدماء –من أن الماء واحد بسيط وهو مصداق الجسم المفرد– ثبت بطلانه، فليس الماء بعنصر، بل الماء مركب من عناصر (هيدروجين وأوكسجين)، فالاشتباه وقع في مصداق العنصر (مصداق الجسم المفرد)، ولم تبطل القضية الكلية: «الجسم المفرد واحدٌ متصل».
فبحسب الطبيعيات الحديثة يكون في كلام الشيخ إشكال، أي في أن الجسم المفرد في نفس الأمر هو كما هو عند الحس، وليس كذلك، ففي كلام الشيخ خطأ متعلِّق بكون ما ثبت في نفس الأمر هو كما هو في الحس؛ لأن ثبت أن الذي في الحس مركب من ذرات وإلكترونات غير محسوسة بالحس الساذج، بل بعض هذه الجسيمات لا يُرى بالمجهر، وإنما يُعرف من قبل آثاره.
والحاصل أن قضية: «الجسم المفرد واحد متصل» هي قضية صحيحة لم تبطل ولن تبطل، بل تبقى ما بقي الدهر، لأن البراهين على إبطال الجزء الذي لا يتجزأ قاطعة كلية واضحة وغير قابلة للخدش [ممن أنصف واعتدل، فلا كلام مع ذي الطبع البليد وذي الطبع الجربزي]، نعم، أدلة القدماء المأخوذ فيها العناصر الأربعة هي أدلة باطلة غير صحيحة، ولكن لا يلزم بطلان غير تلك الأدلة، فالذي بطل هو نفس الصغرى، أي أن هذا التراب –أو الماء أو الهواء أو النار– هو الجسم المفرد، بينما كون الجسم المفرد هو في نفس الأمر متصل وليس بمركب من أجزاء فلم يبطل.
يبقى أن مصداق الجسم المفرد ما هو؟ والفلسفي من حيث هو فلسفي ليس معنيًّا بذلك، بل يجعل ذلك على عهدة المجرِّبين، فيتسلّم من المجرِّبين ما ثبت بالتجربة، سواء كان الماء أو الجزئيات أو الإلكترونات أو الذرات أو الفوتونات إلخ، هذا الأمر لا يعني الفيلسوف من حيث هو فيلسوف، ولكن يعتبر ما اُكتشف بالتجربة، أي يتسلَّم ما ثبت بالتجربة كأصول موضوعة، إذ التجربة معتبرة، أما نفس القضية الكلية الحقيقية فهذه قضية صادقة ولا يمكن أن تُخدَش. "
#إفـادة_مـصـريـة
اعلم أن الصورة الجسمية تستلزم الجسم التعليمي، وأن نفس الاتصال هو الجسم التعليمي لا الصورة الجسمية، فالجسم التعليمي متصل أولًا وبالذات، والصورة الجسمية متصلة ثانيًا وبالتبع، وقولنا: الجسم متصل، يعني الجسم ذو اتصال، أي الاتصال الحقيقي الذي هو المقدار، والاتصال المجازي الذي هو الصورة الجسمية.
https://t.me/hikmamashsha
#إفـادة_مـصـريـة
الشيخ استدل على وجود الهيولى بإمكان الانفصال لا بالانفصال؛ لفائدتين:
1- حتى يكون البرهان كليًّا لا جزئيًّا، وهو ظاهر؛ إذ يكون على كل جسم مطلقًا سواء انفصل بالفعل أم لم ينفصل بالفعل، فيشمل العناصر والأفلاك، بخلاف ما لو كان الاستدلال على وجود الهيولى بالانفصال، لكان البرهان على بعض الأجسام التي انفصلت بالفعل، فيشمل العناصر دون الأفلاك.
2- حتى لا يذهب الوهم إلى انتفاء القابل بعد حصول الانفصال، بل القابل يبقى بعد حصول الانفصال؛ لأن القابل يقبل الاتصال، وبالجملة في حال الانفصال هناك قبول اتصال، وفي حال الاتصال هناك قبول انفصال، فالقابل موجود قبل وبعد.