اهيم وعناوين مثل العدل والحكمة، وتوضيح ذلك أنه عندما يكون هناك نظام، فإن العدل يأخذ ويجد معناه منه، فالعدل يعني أن أجزاء نظام الوجود ينسجم مع بعض، وهناك توازن بينهما، والواقع أن العدل يعني التوازن والتوازن، "بالعدل قامت السماوات والأرض".
عندما يدخل العدل فضاء التواصل البشري - وهو فضاء الاختيار والسلطة والعلاقات - فإنه على أساس معناه الحقيقي في نظام الكون ((أي التوازن) يجد الإطار الخاص، والمعنى المناسب، والمصاديق المتناسبة بما يتعلق بالمجتمع والعلاقات الاجتماعية البشرية.
بمعنى آخر، العدل في عالم الكواكب والسماوات والأرض ونظام الكون يعني الانسجام بين المكونات بحيث يحقق جمعها ونظامها هدفًا واحدًا، وعندما يصل العدل نفسه إلى العلاقات للإنسان (علاقاته الاقتصادية والاجتماعية)، ففي هذه الحالة، يتم ترجمة نفس معنى العدل القائم في عالم الكون (وهو التوازن) إلى التوازن الاجتماعي الانساني.
وبالطبع عندما يتعلق الأمر بالتوازن الاجتماعي، فهذا لا يعني توحيد الطبقات وأفراد المجتمع أو إيجاد المساواة بينهم، كما أن العدل في نظام الوجود، لا يعني نفي تعددية الاجزاء، بل يعني استقرار حالة التنسيق بين مكونات نظام الوجود لتحقيق الهدف المحدد لها.
والنتيجة هي أننا في مواجهة هذا السؤال: من أين حصل العقل على العدل؟ نصل الى أنه قد أخذه من نظام الخلق؟ بمعنى أنه نشأت هوية وطبيعة العدل من نظام الوجود، لا انه كان شيئًا قبل خلق نظام الكون، لقد وضع الله العدل في نظام الخلق وأمر به في نظام التشريع، "إن الله يأمر بالعدل والإحسان".
فهناك نظامان التكويني والتشريعي، والعدل في الأصل وضعه الله في التكوين، ونظام التشريع متأثر في العدل بما في التكوين.
والحكمة أيضًا مثل العدل في أنها مأخوذة في الأصل من نظام التكوين، حيث تعني متابعة مصلحة وهدف وراء عمل ما.
باختصار، هذا النظام، الذي هو فعل الله، هو مهد تكوّن مفاهيم مثل العدل والحسن والحكمة.
🔹️٧. الفطرة قادرة على كشف الحقائق والمصالح:
ان الله سبحانه، بالإضافة إلى إنشاء نظام الوجود (الذي يقوم على الحكمة والعدالة) ، خلق الله الإنسان بقدرات داخلية وفطرية يمكنها كشف ما يكمن في الطبيعة من الحكمة والعدل، ويعرف نفسه ومكانه في نظام الخلق ... ويكشف عما يجب أن يجده من الكماليات في الحياة المادية والروحانية، ويكتشف إمكانيات نظام الخلق والتقدم نحو الكماليات.
وينبغي أن نضيف هنا أن العقل جالس على كرسي الحكم، لدرجة أنه يظن أنه هو الذي يصدر هذا الحكم وأنه مستقل في عرض وإصدار هذه الأحكام.
وحيث يرى ويفكر أنه مستقل في ذلك، فيرى أن ما يقوله، يجب على الله سبحانه مراعاته، غير مدرك أنه أخذ هذه العدالة والحكمة من داخل النظام الذي هو فعل الله، إنه غافل عن حقيقة أنه خُلق ليكون لديه قوة الاكتشاف.
وباختصار ، يصل الأمر إلى نقطة يتحول لديه موقع الاكتشاف الى موقع إصدار الحكم.
وهذه الاستقلالية المزعومة في الحكم وإصداره، تجعله يعتقد أن ما يقوله أمر مستقل ومعايير مستقلة، يجب أن تتبعها الشريعة.
في الأساس، باقتضاء ذات الله سبحانه، يعدّ نظام الخلق هو نفس فعل الله، وفعل الله هو نفسه الحكمة.
لقد اكتشف العقل البشري الحكمة بعد تحققها في فعل الله، ولكن العقل أثناء نشاطه، يتصرف بطريقة كَأنّه هو الذي يفهم الحكمة ويبنيها ويضعها كمعيار ، ويجب على الجميع وعلى الله اتباعها.
♦️ مشكلة التفكير المجرد لدى الأشاعرة والمعتزلة:
إن ما يقوله الأشاعرة (ما يفعله الله هو الحكمة) قول غير دقيق علمياً إذا كان مجرداً وبعيداً عن الالتفات إلى مثل تلك المبادئ (التي ذكرناها)، فليس له معنى مقبول، ولا يقوم على أسس علمية دقيقة، ولا مصداقية له.
بتعبير آخر ، إذا كانت كلمة الأشاعرة هي أننا يجب أن نغلق أعيننا، ونقول كل ما هو فعل الله هو حكمة دون التعميق في الأسس الفكرية الوجودية المتماسكة، فهذا هو الجلوس بعيداً عن حقائق الوجود وهو كلام عام لا جذور له في الواقع والوجود.
لذلك، يمكن القول إن للعلامة قولًا مشابهًا للأشاعرة من أن الحكمة هي فعل الله، ولكن هناك فرقًا جوهريًا له معهم في أن كلماته تنبع من المبادئ الفكرية المتماسكة الدقيقة والنظرة الفلسفية والتوحيدية للعالم، وعليه فان هذه المشابهة لا تعدو قالبا ظاهريا.
هذه المشكلة هي مشكلة "التفكير المجرد البعيد عن الدراسة الوجودية المتماسكة"، فما قالوه، فكرة مجردة غير قائم على "التحليل الوجودي المتماسك"، ويبدو أن المعتزلة لديهم نفس المشكلة عندما يعتبرون أن بعض المعايير مستقلة ويقولون إن على الله رعاية هذه المعايير، فهم أيضا لديهم مشكلة في التفكير المجرد فقد قالوا فكرة ليس لها جذور في الدراسة الوجودية المتماسكة.
إلا إذا قلنا أن المعتزلة عندما يتحدثون عن معايير العقل، لا يريدون إنكار كون هذه المعايير من فعل الله، فهذا أمر آخر.
هدایت شده از درس فقه محیط زیست استاد معظم احمد مبلغی( دامت توفیقاته)
400.12.07.MP3
12.46M
فقه محیط زیست استاد مبلغی
جلسه چهلم
400/12/07
1_1498778766.mp3
30M
⭕ اعتبارات، ارتکازات و سیره ها
( درس خارج اصول)
جلسه ٤٠
مکان ارائه: مدرسه فقهی ائمه اطهار (ع)
@manhajah
درس الاعتبارات (۴۰)
بسم الله الرحمن الرحیم
🔹️خلاصة البحث السابق:
النتيجة التي يمكن استخلاصها مما سبق، هو أن أفعال الله هي نفس العدل والوجود والحكمة والمصلحة، وأن العقل يستخلص ويستنتج هذه العناوين من أفعاله سبحانه، وهذا يعني أنه ليس هناك معيار معين كان قائما قبل فعل الله، وقد جعل الله فعله منطبقا معه ومبنيا عليه، حتى نرفع لواء العقل ونقول إن العقل هو الذي جعل هذا المعيار واجباً على الله وقد راعاه الله سبحانه.
🔹️هل صح القول بتشريع الله على نفسه؟
تلك التي قلناها هي النتيجة، ولكن على الرغم من وصولنا الى هذه النتيجة، إلا أن هناك جزءًا من المحتوى إذا انتهينا منه، يمكننا تقديم النتيجة النهائية، وهو الاجابة على هذا السؤال، هل صح القول بتشريع الله على نفسه أم لا؟
للإجابة على هذا السؤال نقدم الفرضين التاليين:
١. ثبوت التشريع على الله
٢. عدم ثبوت التشريع على الله
⬅️ الفرض الأول: ثبوت التشريع على الله:
هذا الافتراض نفسه ينطوي على افتراضين ، أحدهما أن العقل هو الذي يجعل الأمور واجبة على الله ، وقد أبطلنا هذا الافتراض واعتبرناه غير صحيح لا أساس له، والافتراض الثاني أن الله شرع على نفسه أمور، وجعلها واجبة راعاها.
توجد في كلمات العلامة، بعض العبارات تشير إلى قبوله لمثل هذا الافتراض، يقول:
"فلا ضير في وجوب شئ عليه تعالى وجوبا تشريعيا إذا كان هو المشرع على نفسه".
ويقول أيضا:
"هو الموجب على نفسه لا غير".
ما حقيقة هذا التشريع؟
ما واقع هذا التشريع؟
إذا قبلنا الافتراض القائل بأن الله شرع على نفسه، فإننا نواجه السؤال: ما واقع هذا التشريع؟
يستفاد من كلام للعلامة أن واقع هذا التشريع هو "الاستحسان" و"الاستقباح"، يقول العلامة:
"أوجب على نفسه أشياء ومنع نفسه عن أشياء فاستحسن لنفسه
أشياء كالعدل والاحسان كما استحسنها لنا واستقبح أشياء كالظلم والعدوان، كما استقبحها لنا".
🔹️مناقشة الفرض:
إن افتراض تشريع الله على نفسه يواجه إشكالا يتكوّن من مقدمتين:
المقدمة الأولى: بما ان التشريع أساسًا ماهيته ايجاد الاعتبار، فعندما ننسب التشريع الى الله، فهذا يعني أننا ننسب ايجاد الاعتباريات الى الله ونعتقد بان ارادته سبحانه تعلق بها، ومن زاوية اخرى، تتم نسبة ايجاد الاعتباريات إلى الله كذلك بشكل آخر، وهو أنه عندما نقول إن الله يعتبر هذا العمل حسنا لنفسه أو يجعله قبيحًا على نفسه (تحت عنوان استحسانه واستقباحه)، فهذا يعني أن الله تعلقت ارادته بأمرين اعتباريين؛ لأن الحسن والقبح أمران اعتباريان بطبيعتهما، وبيان سرّ كونهما اعتباريين، موكول الى محله، وقد ادرجهما العلامة في قائمته حول الاعتبارات، وجعلهما الاعتبار الثاني منها.
المقدمة الثانية: لا تتعلق إرادة الله بالاعتباريات لدليلين:
الدليل الأول: الله وجود محض، والاعتباريات ليست لها حقيقة، فلا تتعلق ارادته بها.
الدليل الثاني: أن الاعتبارات تصنع من قبل شخص ليس لديه خيار سوى اللجوء إلى الاعتبارات، وعليه فإذا قلنا إن الاعتبارات يوجدها الله بلا هدف، فهذا يعني أن الله يفعل عبثًا، وإذا قلنا إنه يوجدها لتحقيق الهدف، فهذا يثبت حاجة الله، بمعنى أنه سبحانه لا طريق له لتحقيق الهدف الا اللجوء الى ايجاد ما هو اعتباري وفرضه على نفسه.
لهذين الدليلين ، لا تتعلق ارادته بالاعتباريات.
وقد ذكر العلامة أول هذين الدليلين، يقول: "الإرادة بهذا المعنى [الذي بيّنه في كلامه بعنوان معنى ارادة الله] انما يصح تعلقها بالأمور الحقيقية التي بينها و بين الواجب تعالى نسبة الجعل و الإيجاد من الداخلة في نظام الوجود و اما الأمور الاعتبارية الغير الحقيقية فلا نسبة بينها و بين الذات الواجبة التي هي محض الوجود و صريح التحقق".
على هذا الأساس، لا يمكننا قبول هذا الافتراض.
⬅️ الفرض الثاني: عدم ثبوت التشريع على الله:
وفقًا لهذا الافتراض، لا معنى للتشريع على الله، لا من العقل، ولا منه سبحانه على نفسه.
وفقًا لهذا الافتراض، يختار الله الفعل الواجد للحكمة والمصلحة،
وهذه المصلحة او الحكمة ليست شيئًا حدده العقل مسبقا، بل هي تنبع من حاقّ نظام الخلق.
بتعبير آخر، الحكمة والمصلحة أمور حقيقية ووجودية تنشأ من النظام الوجودي، لأن نظام الخلق بأكمله مترابط وله هدف واحد ، وهو القرب إلى الله.
لذلك، لا يوجد شيء خارج فعل الله ، وقد وضع الله نظام الخلق على أساس التناغم في اتجاه الهدف الرئيسي ، وهو القرب ، والقرب حقيقة.
والنتيجة: إن فعل الله، لأنه حقيقي ووجودي ، له مصلحة هي أيضًا فعل الله، والغاية القصوى هي القرب وهو شيء وجودي.
فليس هناك مجال هنا لنقول إن الله يستحسن شيئًا على نفسه فيفعله، أو يعتبره قبيحًا فيجتنب عنه.
إن ذات الله تقتضي إنشاء نظام الخلقة، وهذا النظام يتابع غاية أساسية هي أمر وجودي وهو القرب، وهناك مصالح اخرى مادية ومعنوية تتحرك باتجاه هذه الغاية القصوى، فكل الحكمة والمصلحة تاخذ اعتبارهما من هذا النظام.
وعليه فإن المصالح نفسها هي أيضًا أفعال ا
لله وكلها تنتهي في النهاية الى اقتضاء ذات الله سبحانه.
🔹️ هل هناك تهافت؟
وهنا يبرز السؤال أن بعض أقوال العلامة لها الظهور بل الصراحة في ثبوت التشريع من قبل الله على نفسه، وفي هذا السياق ذهب إلى حد الحديث عن استحسان واستقباحه لأفعاله سبحانه، بينما الذي نعرفه، بل أخذناه من العلامة نفسه، هو أن التشريع اعتباري في ذاته، وأن الحسن والقبح اعتباريان؟ وأن كل الحكمة والعدالة تؤخذان من فعل الله، وليستا من العقل، وأن إرادة الله غير متعلقة بالاعتباريات.
أليس هذا تهافتا في كلماته؟
الجواب: بما أننا نمتلك آلية العقل ونحلل ونفكر به، ونبني الاعتباريات بالعقل العملي ، ونستنبط الحكمة والعدالة من أفعال الله بالعقل، فلذلك نحن -شئنا أم أبينا- يعيش تفكيرنا وخطاباتنا في ظل ادبيات العقل وخطابه ومصطلحاته ومفاهيمه؟
ومن بين هذه المفاهيم والمصطلحات مفهوم التشريع، الذي تتحرك أذهاننا بناءً عليه في مسار التفكير المستمر والمركّز ، وحتى نذهب إلى أبعد من ذلك، فننسبه إلى الله ونقول إن الله شرع على نفسه واستحسن واستقبح.
وفي هذا الاطار يتصرف العلامة مثل المعتزلة، مع اختلاف أن العلامة ينسب التشريع إلى الله وأنهم يعتبرون المعايير مبنية على العقل.
فلا تهافت، بل الحديث يتم في جو من الخطاب العقلي، فهو خطاب تشكل على محور التشريع ، والعلامة يريد أن يكشف اختلافاته في فضاء هذا الخطاب مع الآخرين ، فيقول لا يمكن للعقل أن يفرض شيئًا على الله، ويشرع عليه، بل التشريع من جانب نفسه.
إذا أردنا أن نفهم حقيقة الرأي الفلسفي الوجودي للعلامة، فأدق كلام قاله، هو قوله بأن فعل الله هو الذي عندما يُعرض على العقل، فإنه يفهم الحكمة والعدالة منه، وأن كل شيء يعود إلى فعل الله، ولا شيء خارج فعل الله.
وأما تحدثه عن تشريعه على نفسه فلا يعدو ما قلناه من كونه قائما في إطار الخطاب العقلي المشار اليه.
للعلامة كلام يشير الى هذه الإجابة التي قدمناها ويحتويها ويؤكدها، هو يقول:
"ثم دل العقل أن يستنبط من المصلحة أن الفعل الذي اختاره وهو العدل مثلا واجب عليه وإن شئت فقل: حكم بلسان العقل بوجوب الفعل عليه".
هدایت شده از درس فقه محیط زیست استاد معظم احمد مبلغی( دامت توفیقاته)
400.12.09.MP3
16.95M
فقه محیط زیست استاد مبلغی
جلسه چهل و یکم
400/12/09
1_1501974633.mp3
30.64M
⭕ اعتبارات، ارتکازات و سیره ها
( درس خارج اصول)
جلسه ٤١
مکان ارائه: مدرسه فقهی ائمه اطهار (ع)
@manhajah
درس الاعتبارات (٤١)
بسم الله الرحمن الرحیم
في الجلسة السابقة تحدثنا عن تشريع الله على نفسه، وقلنا إن هذه فكرة باطلة.
هناك موضوع آخر وهو تشريع الله على الناس، بالنسبة لهذا الموضوع يبرز سؤال، وهو ان للعلامة الطباطبائي فكرتين، إحديهما أن التشريع هو ذو طبيعة اعتبارية، والفكرة الثانية هي أن الله لا تتعلق إرادته بالاعتباريات، عندما نجمع هاتين الفكرتين، علينا أن نرى ما ستكون نتيجة ذلك فيما يتعلق بالشريعة؟ هل النتيجة أن الشريعة الالهية ليست ماهيتها اعتبارية؟ هذه النتيجة غير صحيحة لان التشريع خلافا للتكوين ماهيته اعتبارية، والعلامة نفسه صرح بكون الشريعة اعتبارية، او النتيجة هي ان عنصر الاعتبار في الشريعة ليس من الله، فهذه النتيجة تواجه اشكالية "لزوم التالي الفاسد"، وهو ان الشريعة ليست من الله.
🔹️ نظرية العلامة:
الواقع أنه قدم هنا العلامة طباطبائي نظرية مهمة حول نسبة الشريعة الى الله وعلاقتها بالاعتباريات، وهي تجيب على السؤال المذكور.
وهذه النظرية نظرية مثيرة للاهتمام وقابلة للدراسة والتأمل.
وتجدر الإشارة إلى أن العلامة هو الشخص الوحيد الذي تحدث في هذا المجال وقدم نظرية في هذا الصدد ولم يتكلم في ذلك أي فيلسوف أو أصولي.
وقد ذكر نقاطا رئيسية للتعبير عن نظريته هذه، وهذه النقاط كالآتي:
⬅️ النقطة الأولى: ثبوت علاقة وجودية بين الإنسان والمصالح:
انطلاقا من هذه النقطة، يريد العلامة أن يغطي لباس الوجود على المصالح ويعتبرها وجودية، وذلك لأن المقصود من المصالح ليست الا تلك الغايات الوجودية التي خلق الانسان لبلوغها والوصول اليها.
يقول العلامة: "قدر وجودنا في نظام متقن يربطه إلى غايات هي سعادتنا وفيها خير دنيانا وآخرتنا وهي المسماة بالمصالح"
⬅️ النقطة الثانية: تلائم القوى الفطرية مع المسار السلوكي المنتهي الى المصالح:
إن النظام السائد على الفطرة البشرية والقوى الموجودة في هذه الفطرة، يتناغم ويتلائم مع المسار السلوكي الذي يؤدي إلى المصالح الوجودية.
يقول: "ونظم أسباب وجودنا وجهازات أنفسنا نظما لا يلائم إلا مسيرا خاصا في الحياة من أفعال وأعمال هي الملائمة لمصالح وجودنا لا غير".
⬅️ النقطة الثالثة: دعوة القوى المودعة في فطرة الانسان الى المصالح:
في النقطة الأولى، ذكرنا أن وجود الإنسان له علاقة مصيرية ووجودية بالمصالح الوجودية، بمعنى أن هذه المصالح هي كمالاته الوجودية، ولكن في هذه النقطة نريد أن نضيف شيئًا آخر، وهو أن الذي قد وضعه الله سبحانه في البشر من قوى وأسباب هي تدعو الإنسان إلى تلك المصالح الوجودية.
وعليه فان النقطة الأولى، تقول إن هذه المصالح هي ذروة الكمال البشري، أي تَشَكّل وجود الإنسان بحيث تتجسد كمالاته في هذه المصالح، بينما تقول هذه النقطة إن الذي تم إنشاءه كقوى في الإنسان، يدعونه ويقودونه إلى تلك الكمالات التي عبرنا عنها بالمصالح، أي: هناك دعوة مغروسة وموضوعة في القوى البشرية موجهة الى المصالح، فهي تجذبه وتقوده إليها.
يقول العلامة: "فأسباب الوجود والجهازات المجهزة والأوضاع
والأحوال الحافة بنا تدفعنا إلى مصالح وجودنا".
⬅️ النقطة الرابعة: المسار نقطة اللقاء والاتصال:
هذا المسار (والذي متشكل من الأفعال والسلوكيات) هي نقطة الاتصال واللحام واللقاء بين الطرفين، أي المصالح الوجودية من جهة والقوى المودعة في الفطرة البشرية من جهة أخرى.
فهذا المسار السلوكي متناغم ومنسجم مع المصالح الوجودية ومع القوى الفطرية، بتعبير آخر، إن السلوكيات هي جسر متناغم ومنسق ونقطة اتصال بين هذين الطرفين، وقد سبق من العلامة ذكر قول يفيد ذلك:
"ونظم أسباب وجودنا وجهازات أنفسنا نظما لا يلائم إلا مسيرا خاصا في الحياة من أفعال وأعمال هي الملائمة لمصالح وجودنا لا غير".
وكذلك يستفاد ذلك من قول آخر له، وهو ما يلي:
"ومصالح الوجود تدعونا إلى أعمال خاصة تلائمها ومسير في الحياة تسوقنا إلى كمال الوجود وسعادة الحياة".
والنتيجة هي أن الأفعال والسلوكيات في الواقع هي النقطة التي من ناحية تتلائم مع القوى الطبيعية للإنسان، ومن ناحية أخرى، فإن المصالح تتلائمها وتتطلبها.
⬅️ النقطة الخامسة: القوانين تندب اليها الفطرة:
جزء مهم من هذه السلوكيات -والتي هي ما بين الفطرة والمصلحة-، هي القوانين، وعليه، فعندما نقول إن السلوكيات تقتضيها وتستدعيها الفطرة، فهذا يعني ان القوانين، تدعو اليها الفطرة، يقول العلامة: "تندبنا إلى قوانين وسنن في العمل بها والجري عليها خير الدنيا والآخرة".
⬅️ النقطة السادسة: القوانين علمها الوحي:
القوانين (التي ذكرنا في النقطة السابقة أنها تدعو إليها الفطرة) هي قوانين علّمها الوحي، فهذه القوانين من ناحية، تستدعي إليها فطرتنا، ومن ناحية اخرى، علمها الوحي، يقول العلامة:
"وهذه القوانين التي تهتف بها الفطرة ويعلمها الوحي السماوي هي الشريعة"
⬅️ النقطة السابعة: للشريعة وجهان؛ وجه فطري ووجه وحياني:
هذه القوانين لها وجهان، الأول: وجه توجيه "دعو